تطبيق قانون الإيجارات القديمة.. بداية مرحلة جديدة من التشريد والصفقات المشبوهة

- ‎فيتقارير

 

اعتبارًا من اليوم الأول من سبتمبر، يدخل قانون الإيجارات القديمة حيز التنفيذ، في خطوة يرى فيها النظام العسكري تحولًا تشريعيًّا “ضروريًّا”، بينما يصفها خبراء ومتابعون بأنها واحدة من أكثر التشريعات المجحفة التي ستفتح أبواب التشريد والفوضى الاجتماعية، تحت ستار “تحرير السوق” و”تحقيق العدالة بين المالك والمستأجر”.

القانون يضع ملايين الأسر المصرية أمام مصير مجهول، بعدما عاشوا لعقود مستقرة في مساكنهم بإيجارات قديمة، فيما تتصاعد المخاوف من أن الهدف الحقيقي ليس إعادة التوازن بين الطرفين، وإنما تمهيد الطريق لصفقات عقارية كبرى في قلب القاهرة، وخاصة منطقة وسط البلد، التي باتت خلال السنوات الأخيرة مسرحًا لحملة “إخلاء صامتة” تمهيدًا لتحويلها إلى مشروعات استثمارية موجهة للأجانب.

مخاوف السكان: من الاستقرار إلى التشريد

السكان الذين عاصروا سنوات طويلة تحت نظام الإيجارات القديمة، وجدوا أنفسهم فجأة أمام معادلة غير متكافئة: قانون يهدد بإخلاء المساكن أو رفع الإيجارات إلى مستويات لا يستطيعون تحملها، في ظل انهيار القدرة الشرائية وتآكل الدخول.
كثير من هؤلاء لا يملكون مأوى بديل، خاصة في ظل الارتفاع الجنوني لأسعار العقارات والإيجارات الجديدة، وهو ما ينذر بموجة نزوح قسري للفقراء والطبقة الوسطى على حد سواء.

خلفية اقتصادية أم أجندة سياسية؟

النظام يروّج للقانون باعتباره خطوة لتصحيح “تشوهات السوق العقاري”، لكن محللين يرون أن الأمر يتجاوز مجرد علاقة مالك ومستأجر. فوسط البلد، بما تحمله من قيمة تاريخية وثقافية، تتحول تدريجيًّا إلى هدف استثماري استراتيجي.
ويتداول معارضون أن الإمارات، التي تحولت إلى وكيل خفي في صفقات الأراضي والعقارات بمصر، تعمل كوسيط لإعادة بيع هذه المناطق لمستثمرين يهود أو شركات مرتبطة بالكيان الصهيوني، في إطار خطة لإعادة تشكيل خريطة الملكية داخل قلب العاصمة المصرية.

من القانون إلى التهجير المقنع

القانون يضرب في عمق الاستقرار الاجتماعي، ويفتح الباب أمام تشريد الأسر.

يكرس منطق السوق الحرة لصالح كبار المستثمرين على حساب محدودي الدخل.

يسهل استحواذ شركات إماراتية وخليجية على العقارات المفرغة بأسعار بخسة، تمهيدًا لصفقات إعادة البيع.

يهدد بطمس الطابع التاريخي والمعماري لمنطقة وسط البلد، عبر تحويلها إلى واجهة تجارية سياحية بلا سكان.

البديل الغائب

المفارقة أن القانون لم يقدم أي رؤية بديلة تحمي المستأجرين، سواء بتعويضات عادلة أو توفير مساكن بديلة أو حتى فترة انتقالية واقعية، ما يكشف أن الهدف الأساسي هو الإسراع بعملية الإخلاء لصالح مشروعات عقارية ضخمة، لا يستفيد منها المواطن البسيط في شيء.

 

بدء تطبيق قانون الإيجارات القديمة ليس مجرد ملف عقاري، بل فصل جديد في مسلسل بيع أصول مصر. السكان هنا ليسوا طرفًا في معادلة “إصلاح اقتصادي”، بل ضحايا لسياسات تهجير غير معلنة، تخدم تحالف المال والسلطة، وتعيد إنتاج ما يشبه “نكبة عمرانية” داخل القاهرة، عنوانها: الناس خارج بيوتهم، والمستثمرون في الداخل.