قمعٌ عابر للحدود للصحفيين والمعارضين في المنفى .. حقوقية ب”برلين” تلجأ للأمم المتحدة بعد استهداف شبكة مخابراتية لها

- ‎فيتقارير

أكدت المُعارِضُة المصرية المقيمة بالخارج بسمة مصطفى عبر Basma Mostafa  أنها تتعرض منذ 2022 إلى رصد أمني وملاحقة تؤرقها في شوارع برلين.

ونبهت إلى أنها ساهمت في إطلاق أول إحاطة أممية عن القمع العابر للحدود مع المفوضية السامية داخل مجلس حقوق الإنسان، وتحدثت مع مختلف البعثات حول الشبكة الأمنية التي تتحرك من خلال الدبلوماسيات الخارجية لمصر.

وربطت بين ما حدث تجاه أنس حبيب وغيره من أعضاء تلك الشبكة التي سبق أن هددوها بالاغتصاب،  وكيف ساهمت في صياغة سياسات تخص تحسين الحماية المقدمة من الدول المضيفة للمدافعين في المنفى.

وقالت:لامنذ عام 2022 وأنا أقول بوضوح إن ما تعرضتُ له لم يكن حادثة فردية، بل جزءاً من عمل ممنهج تقوده شبكة مدعومة رسمياً من الدولة المصرية، تتحرك عبر وزارة الخارجية وبتنسيق مباشر مع الأجهزة الأمنية، وبتمويل من أموال المصريين، بهدف استهداف الصحفيين والمعارضين والمنفيين. في أوراق قضيتي بألمانيا ورد صراحةً على لسان أحد المتورطين، الذي قُبض عليه منذ أيام بعد ظهوره في مقطع فيديو شهير، أنه يعمل لدى دبلوماسي مصري ،كما أن دبلوماسياً آخر من السفارة المصرية، وهو ضابط مخابرات، شهد بنفسه بهذا الكلام صراحة، وكان هو ذاته قد لاحقني أكثر من مرة في شوارع برلين وحول منزلي".

وأضافت أنه "على مدى سنوات تابعتُ هذه الشبكة في أكثر من دولة أوروبية، وقدّمتُ وقائع مثبتة عن اعتداءاتها وتهديداتها وشركاتها وجمعياتها المشبوهة، وبلاغات ضدها في دول مختلفة. ورغم كل ذلك، ظلّ التعامل مع ما جرى معي باعتباره واقعة معزولة”.

سبق الشكوى للأمم المتحدة

وكشفت بسمة مصطفى أنها لقد لجأتُ إلى الأمم المتحدة بعد أن أُغلقت في وجهي كل الأبواب، وكان اللافت أن قضيتي كانت أول مرة تتحرك فيها الأمم المتحدة بخطوة استباقية على الجميع، إذ أصدرت الشكوى أولاً، ثم لحقت بها المؤسسات الحقوقية والصحافة. بينما في العادة، العكس هو ما يحدث: المنظمات توثق وترسل الشكاوى، والأمم المتحدة تتابع. مشيرة إلى أن ما شجعها "حين صدرت شكوى أممية ورد فيها صراحة اسم أحدهم".

استمرّ التجاهل

وعن اهتمام المعارضين ببعضهم البعض، أشارت إلى أن البعض اسقطها كمعارضة من حساباته موضحة "كان الأكثر إيلاماً تجاهل رفاق المنفى ورفاق المهنة، باستثناء قلة قليلة يُعدّون على أصابع اليد. لم يبدأ أحد بالتحرك إلا بعد شكوى الأمم المتحدة وبيان الحكومة الألمانية.

وقالت: لم يُدرك أحد أن ما تعرضتُ له من اعتداء بدني، وتهديد بعنوان منزلي، ومراقبة ميدانية حول بيتي من قبل متعاونين مع السفارة وأشخاص يحملون حصانة دبلوماسية، والتهديد لبناتي، والتهديد بالاعتقال/ الخطف من جنيف على بعد دقائق من مقر الأمم المتحدة، وحملات التشهير والدعوة لضربي واغتصابي لم تكن حوادث معزولة، بل جزء من عمل منظم تقوده شبكة داخل أوروبا مدعومة من الدولة المصرية".

وأبانت أن شرطة مكافحة الجريمة في الولاية (LKA) الألمانية لجأوا إلى مخاطبتها كتابياً ونصحها "بضرورة مغادرة منزلها لأنه لم يعد آمناً، كما خصصوا دورية شرطة أمام بيتي 3 أيام في الأسبوع، وأنشأوا لي ملفاً يظهر مباشرة لأي وحدة شرطة عند حدوث طارئ،  وفي مثل هذه الحالات، لا أحتاج إلا إلى ذكر اسمي مرفقاً بكلمة LKA، ليظهر وضعي بالكامل فوراً لديهم من دون الحاجة لشرح طويل".

قمع عابر للحدود

ويبدو أنه آلمها صمت الجميع طوال هذه السنوات، حمّلني ما لا يتحمله أحد. وأوضحت، "لا يكفي أن تخسر حياتك ومهنتك ومجتمعك وبلدك وأصدقاءك، وأن تُجبر على الرحيل وترك كل شيء وراءك. الأثر النفسي لكل ذلك لا يمكن اختصاره: أن تعيش في انتظار الهجمة القادمة، متيقظاً لا تهدأ لأن لا أحد يصغي لما تقول؛ أن تسكن في أوروبا وتشعر أنك ما زلت تحت قبضة الأمن في مصر، لأنك تعلم أنهم قادرون على الوصول إليك في أي لحظة".

واعتبرت أن صميم رسالة التي يقوم عليها القمع العابر للحدود: أن حياتك مخترَقة من جميع الاتجاهات، وأنك لست آمناً في أي بقعة على هذا الكوكب ما دمت مصرياً ،وفوق كل ذلك، كان ثمّة جهد مضنٍ ووقت مقطوع من حياتي، أقضيه فقط في تتبع هؤلاء والبحث والتوثيق وتقديم الشكاوى هنا وهناك، مهام كنت أقوم بها وحدي. وكان من الممكن اختصار كل هذا العناء لو أن أحداً أخذ ما أقوله بجدية منذ البداية.

 

وأضافت، "هذا الصمت ترك في داخلي حزناً عميقاً وغضباً لا يهدأ. كنت أظن أن الغضب قد تراجع مع الوقت، وكنت أجد مبررات لصمت الجميع. لكن كل ذلك الغضب عاد من جديد حين بدأ الكثيرون يتعاملون مع ما يجري الآن وكأنه حقيقة ظهرت لأول مرة فقط بعد القبض على أحدهم. وهذا الصمت، وتجاهل ما كنت أقوله وكأنه مجرد قصة خيالية تصلح للأفلام، جعلني أشعر أنني أعيش في هامش داخل الهامش، ومنفى داخل المنفى، والجميع كان سبباً فيه".

متى ينهض المؤازرون؟

وأشارت إلى أن هذه التجربة القاسية دفعتها إلى البحث عن حلفاء جدد من جنسيات أخرى من زملاء المنفى الذين واجهوا قمعاً مشابهاً من بلدانهم،  متسعرضة طيف حولوا المعاناة الفردية إلى جهد جماعي، وتحالف عابر للحدود جمع خبرات وتجارب متنوعة، واستطعنا معاً أن نضع ملف القمع العابر للحدود لأول مرة على أجندة الحكومة الألمانية.

وخلصت إلى أن الصورة اتضحت أخيراً حتى للرفاق، لكن لا يجب أن يُنسى أن هذه الاعتداءات لم تبدأ اليوم، وأن ضحايا هذه الشبكة منذ سنوات لم يكونوا مجهولين،  مشيرة إلى الثمن الذي دفعته وغيرها وكيف نجحت محاولة إثبات أن ما يجري سياسة ممنهجة، وأن تحليلي لم يكن وهماً ولا مبالغة، بل حقيقة قائمة يجب مواجهتها والتصدي لها، وأن مواجهة هذا النمط من القمع أصبحت مسؤولية مشتركة لا بد أن يتحملها الجميع حتى لا يتكرر مع آخرين ما حدث معي ومع غيري.

https://www.facebook.com/Basma.mustafa2012/posts/pfbid0rXxSnMJWdjMKZ3rQ7UzPgiKz4PwpDtNvbHZ8vzjDAhorrnuiufRdTuwXD8MVNQWul

الوجه الآخر للعُملة

واستعرض الحقوقي نور خليل Nour Khalil  الوجه الآخر للدور السلبي للدبلوماسيات المصريية في أوروبا تحديدا وكيف يصنف المصريين من خلال مكاتب الأجهزة.

وقال خليل":  مصريين بيتقبض عليهم في كل مكان في أوروبا، العديد منهم بسبب الدخول الغير نظامي والاتهام بالمشاركة في التهريب، في ظروف احتجاز سيئة بتدفع المحتجزين لمحاولة الانتحار، محدش بيشوف السفارة المصرية الا لو باعتين مندوب لإنهاء إجراءات الترحيل، بل فيه مئات المصريين فقدوا ارواحهم او اخفي مصيرهم في مسارات الهجرة".

وبالمقابل، كشف أن حكومة السيسي "..لم تطالب حتى الدول المتورطة في الإفصاح عن مصيرهم او العدالة لهم، مصريين بيترحلوا قسرا لمصر بسبب مخالفات إقامة"..

ورأى أن السبب هو: كل جريمتهم إن نظام بيحكم بلدهم قابل التضحية بيهم في سبيل إثبات نجاح اجندة اليمين الأوروبي المتطرف، مجرد ما بيوصلوا  مصر بيستقبلهم مكتب الأمن الوطني ثم يتحولوا لاقسام الشرطة عشان يبتدوا رحلة تدوير في قضايا مختلفة بنفس الاتهامات، عشان بردو نراضي الحليف الأوروبي أننا بنقوم بشغلنا كحراس حدود".

الشبكة من جديد

وعطفا على ما قالته بسمة مصطفى أشار نور خليل إلى ملف ميدو ودبابة اللذين خالفا قوانين أوروبية، وقبض عليهم متلبسين ب(اعتداء) وأضاف "قبل ده استمرار الفعل السخيف اللي كان بيقوم بيه، نفس الشخص متورط في تتبع نشطاء مصريين منفيين والاعتداء عليهم، وزير الخارجيّة يعمل مكالمة بخصوصه مع الجانب البريطاني عشان يخرجه ويوصل المطار يبقا معموله حفلة عالضيق، كل ده مش دبلوماسية وصياعة، دي سخافة فوق السخافة للتغطية على سخافة وغباء وكمان خسارة".

خسارة المصريين بالخارج

واعتبر أن مقارنة المشهدين السالفين لمصريين عاديين ومصريين من نوع تاني، الدولة قد ما خسرت سابقا بتخسر كل يوم المصريين في الخارج بكل أسباب وجودهم في الخارج وكل طبقاتهم الاجتماعية وخلفياتهم التعليمية والثقافية، بكل طرق وصولهم خارج مصر، موضحا درجة الملل من تصرفات النظام "خلاص جابوا آخرهم، سواء اللي خرج عشان جايب آخره من قبل ما يخرج أو معدش ليه طريق غير انه يمشي أو اللي خرج عشان يحسن فرصة على أمل العودة".

وأوضح "الأطفال اللي خرجوا من بيوت اهاليهم مجبرين عشان يجروا على أكل العيش لو وصل عايش بيفضل في دوامة إجراءات في الدولة اللي وصلها ولو عدى ده مش هيعرف يشوف أهله إلا بعد ال30 عشان الجيش، ولما الدولة حبت تجامل المصريين في الخارج فرضت آلاف الدولارات اللي لازم تدفع، طاب الأطفال اللي لسه بيشوفوا حياتهم وأهاليهم واحشينهم هيجيبوا الكام ألف دول منين؟ طاب لو فكر يخلص ورق وراح السفارة، الموظفين بيتعاملوا معاه ازاي؟ طاب ده هيشوفك ازاي وأنت مكانك ايه عنده؟"".

وعن فئة المغضوب عليهم من الفارين من بين النار والحديد وغالبا كويَ بيه (الرافضين والمعارضين للانقلاب قال:  "وعدت سنين وبقا خلاص هو ده عيشته وحياته،  يروح يطلع شهادة ميلاد لابنه او بنته السفارة ترفض، عايز يجدد جواز السفر او يطلع أوراق لعيلته، لا ممنوع، حتى طبقة المتوسط او اللي كان متوسط وطالع يقفش العملة الصعبة ويرجع يفتح مشروع في مصر بعد كام سنة، مع كل الإجراءات اللي بتاخد ضده وهو في الخارج ومجبر يتعامل معاها من البيروقراطية للتقليب عيني عينك للسكوت عشان امورك تعدي لهل هيرجع مصر أصلا عشان يفتح المشروع؟ هل هيتعامل في تحويله لمدخرات لحياته اللي كانت محتملة في مصر؟ ولو حوّل هل هيكون على الإجراءات الرسمية ولا هيطلع برا النطاق الرسمي".

استغلال المصريين "مرشدين"

وخلص إلى أن "حياة المصري في الخارج صعبة ووجود الدولة دائما بيزيدها صعوبة، وبدل ما الدولة تعمل حساب لده مش بس عشان دول مصريين وعشان سياسيا ده مهم لكن عشان اقتصاديا بردو ده مهم جدالا بتزيد دي صعوبة كل شيء، وتجند مرشدين حوالين مجتمعات المصريين سواء منتفعين أو مهدّدين أو في مقابل تسهيل معاملة".

واعتبر أن نقل بيئة القمع حوّل المجتمعات المصرية في الخارجاللي تنظيمها قد ما هو مهم من وجهة نظرنا قد ما هو خطير من وجهة نظر اخرينعشان تفضل حاسس أنك في مصر بكل خوفها ورعبها، دعم مباشر وتورط رسمي وفضايح ده مبتدش الأيام اللي فاتت، تجنيد شوية عيال ملهمش شغلانة في الحياة عشان يستهدفوا اللي بيتكلم ويخوف الباقيين، اللي يتكلم وهو برا أهله يتبهدلوا جوا، هذا النوع من القمع العابر للحدود بكل أشكاله"

القمع ممارسة عامة

واعتبر أن القمع العابر للحدود أصبح ممارسة عامة "كل واحد والدولة حطاه في أي مكان من الخطورة بياخد نصيبه منه، تحولت السفارات المصرية لرمز قمعي ومكان مقلق بكل من وما هو مرتبط بيه، تجلت هذه العداوة في انتخابات مجلس الشوري اللي حضرها فئة المرشدين المرخص لهم، وخناقة أبواب السفارات الأخيرة، عداوة وخوف ومحاولة ابتعاد أصبحت واضحة بين المصري في الخارج وبين مصر وسفاراتها على قد ما يقدر، تجلي للمفهوم الوحيد للدولة المصرية أن الأمور بتمشي بالعصاية والكرباج والمصري لازم تمشي وراه بالكرباج في كل حتة".

وعن جملة خسارات أشار نور خليل إلى "خسارة أمل في نقل الخبرات المختلفة من كل مكان في العالم" ..وخسارة "صوت سياسي عالمي"، وخسارة "هيبة ودبلوماسية كانت معروفة حتى في أسوء ظروفها السياسية وأصعبها".

ورأى أن السبب هو في تحويل المصريين بالخارج إلى "شيء خطير بالنسبة لسفارته ومصدر انتفاع قابل للقمع، ومن اول ما السفارات اتحولت لكمائن ومصايد ومصدر قمع خارجي".

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=pfbid02hHBrq1t4GPoEL3PiCrmYvcP9xWgueDgmhmnWkciDJ4w8oZqWgjyKmfbWL2i7npyrl&id=100009882273086