تعديلات قانون الإيجار القديم الذى أقرته حكومة الانقلاب وصدق عليه السيسي تهدد بتشريد نحو 6 ملايين مصري وطردهم إلى الشوارع خاصة أن ما تعهدت به تلك الحكومة الإجرامية من توفير ما يُسمى بالسكن البديل ليس له أساس لأنها تضع شروطا تجعل الحصول عليه فى حكم المستحيل كما أنها تحاسب المستفيد بأسعار أعلى من السوق ولا تدرك أن المستأجرين لا تتوافر لهم الإمكانات لدفع مثل هذه المبالغ ولو توافرت لكانوا قد تملكوا وحدات سكنية قبل صدور هذا القانون.
يُشار إلى أن قانون الإيجار القديم لم يكن مجرد وثيقة قانونية، بل كان جزءًا أصيلًا من النسيج الاجتماعي لعقود طويلة. وقد شكّل هذا القانون، الذي تعود جذوره إلى حقبة الستينيات والسياسات الاشتراكية، شبكة أمان لملايين الأسر، خاصةً محدودة الدخل، وحماهم من تقلبات السوق.
وبفضل قانون الإيجار القديم، عاشت أجيال متعاقبة في مساكن بإيجارات رمزية للغاية، تصل أحيانًا إلى جنيهات تدفع شهريا، وهو ما منحهم شعورًا بالاستقرار والأمان في وجه الأزمات الاقتصادية المتكررة.
وبمقتضى هذا القانون أصبح السكن حقًا متوارثًا من جيل لآخر، ما عزز الروابط الأسرية ومنح الأفراد شعورًا بالانتماء والأمان، قبل أن تدخل التغييرات الأخيرة على العلاقة بين المالك والمستأجر.
صندوق النقد
فى هذا السياق قالت وكالة بلومبرج فى تقرير لها انه مع مرور الوقت، ومع تغير الظروف الاقتصادية والاجتماعية، بدأت الأصوات المعارضة لقانون الإيجار القديم تتعالى.
وأشارت إلى أن أصحاب العقارات يرون أن نظام الايجار القديم حرمهم من حقهم في الاستفادة من ممتلكاتهم التي تضاعفت قيمتها، خاصة في المدن الكبرى والمواقع الحيوية.
وأوضح التقرير أن الكثير من الملاك اشتكوا من أن منازلهم وعقاراتهم التي ورثوها لم تعد تحقق لهم أي عائد يذكر، بل أصبحت عبئًا عليهم، ما أدى إلى جمود سوق العقارات.
وأكد أن هذا الجدل تزامن مع الاملاءات التى يفرضها صندوق النقد الدولى على عصابة العسكر تحت ما يُسمى ببرنامج إصلاح اقتصادي، يريد من خلاله عبد الفتاح السيسي تنغيص حياة المصريين وشغلهم بقضاياهم الخاصة بعيدا عن الجرائم التى يرتكبها فى حق مصر والمصريين والزعم أنه يهدف إلى تحرير السوق وتشجيع الاستثمارات.
وانتقد التقرير مزاعم حكومة الانقلاب التى تطرحها تحت شعار "سكن للجميع"، وتدعى أنها تسعى إلى إيجاد حلول جذرية لمشكلة الإسكان، لكنها تصطدم بواقع معقد ترسب عبر عقود.
نهاية وشيكة
وبعد سنوات من الجدل، أصبحت نهاية عصر الإيجارات الرمزية وشيكة.. فبعد صدور أحكام قضائية اعتبرت بعض نصوص القانون القديم غير دستورية، أدخلت حكومة الانقلاب تعديلات جديدة لتُنهي العمل بالعقود القديمة بشكل تدريجي.
وبموجب هذه التغييرات، من المقرر أن تُمنح الأسر فترة سماح مدتها سبع سنوات، ستشهد خلالها الإيجارات زيادات تدريجية قد تصل إلى 20 ضعفًا في بعض المناطق.
هذا القرار يثير قلقًا عميقًا لدى ما لا يقل عن ستة ملايين شخص يواجهون الآن واقعًا اقتصاديًا مختلفًا تمامًا. ففي ظل الارتفاع الهائل في تكاليف المعيشة، يبدو شبح الإخلاء أو عدم القدرة على تحمل الإيجار الجديد حقيقة مخيفة لملايين الأسر، بما في ذلك كبار السن الذين عاشوا معظم حياتهم في هذه الوحدات.
أرملة ثمانينية
فى هذا السياق تتذكر الحاجة أمل عثمان أرملة تجاوزت الثمانين من عمرها كيف كانت تدفع إيجارًا رمزيًا في شقتها الصغيرة بمدينة شبين الكوم
وأكدت الحاجة أمل عثمان أن هذه الشقة، التي احتضنتها وعائلتها لأكثر من نصف قرن، كانت ملاذًا آمنًا لها. لكنها اليوم، باتت تخشى المستقبل مع التغييرات الجديدة.
وكشفت أن معاش زوجها المتوفى قد لا يكفي لتغطية الإيجار الجديد إذا ما طالب به المالك، وهو ما يضعها في مأزق لم تتخيله يومًا.
الحماية الاجتماعية
وإذا كانت حكومة الانقلاب تزعم أنها تدرك حجم التحدي، وأنها تعهدت بأنه لن يتم تشريد أحد.. ولتحقيق ذلك، أعلنت عن مشاريع ضخمة لبناء وحدات سكنية منخفضة التكلفة، وتشجيع المتضررين على الانتقال إليها لكن الخبراء يستبعدون أن تستطيع حكومة الانقلاب الوفاء بما تعهدت به .
فى هذا السياق أكد الدكتور سامر عطا الله، استاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، أن مشكلة الايجار القديم قد تفاقمت لدرجة أن علاجها أصبح صعبًا للغاية، نظرًا لتركها دون حلول جذرية لسنوات طويلة.
وقال عطا الله فى تصريحات صحفية إن الفترة الانتقالية المحددة بسبع سنوات قد لا تكون كافية لاستيعاب هذا العدد الهائل من المتضررين.
وطالب حكومة الانقلاب بإيجاد حلول توازن بين تحقيق العدالة للملاك وضمان الحماية الاجتماعية للمستأجرين، دون أن يؤدي ذلك إلى أزمة إنسانية أو اجتماعية.
فسخ عقد الإيجار
ورغم عجز حكومة الانقلاب عن توفير السكن البديل إلا أنها تسابق الزمن لطرد المستأجرين ومن أجل تحقيق هذا الهدف الغريب نصت المادة (7) من القانون الجديد على منح المالك أو المؤجر الحق في استرداد وحدته المؤجرة في حالات محددة، دون الحاجة إلى الانتظار لسنوات في أروقة القضاء.
وبموجب النص القانوني، يلتزم المستأجر أو من امتد إليه العقد بإخلاء المكان المؤجر في نهاية المدة القانونية، أو في حال تحقق إحدى الحالتين:
1- إذا ثبت أن المستأجر أو من امتد إليه العقد ترك الوحدة مغلقة لمدة تزيد على سنة دون مبرر مشروع.
2- إذا تبين أن المستأجر يمتلك وحدة سكنية أو غير سكنية أخرى قابلة للاستخدام في نفس الغرض الذي أُجرت من أجله الوحدة محل العقد.
وفي حال امتناع المستأجر عن تنفيذ قرار الإخلاء، يحق للمالك أو المؤجر التقدم إلى قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة المختصة بطلب إصدار أمر بطرد الممتنع عن الإخلاء فوراً.