بعد دعوة رئيس كولومبيا لتشكيل جيش لتحرير فلسطين .. ما موقف الحكام الخونة أذيال الصهاينة والأمريكان؟

- ‎فيعربي ودولي

 

 

 دعوة "جوستافو بيترو" رئيس كولومبيا أمام الأمم المتحدة لتشكيل جيش لمواجهة دولة الاحتلال وتحرير فلسطين، كشفت عن هوان وصَغَار الحكام الخونة أذيال الصهاينة والأمريكان الذين لا يستطيع الواحد منهم إصدار بيان يعبر فيه عن موقف رجولي من حرب الإبادة التي يرتكبها جيش الاحتلال ضد أهالي قطاع غزة، بل بالعكس يطأطأ الرأس ويسخر إمكانات شعبه لدعم الصهاينة على إخوانه العرب والمسلمين في غزة والأراضي الفلسطينية، ويمنع قوافل الدعم التي تأتي من مختلف دول العالم من الوصول إلى القطاع المحاصر، بل وينهب المساعدات الإنسانية، ويتعاون مع الاحتلال على حرمان الجوعى والمرضى والمشردين منها .

ورغم أن تشكيل “جيش عالمي” يبدو بعيد التحقيق حاليا، إلا أن مجرد طرحه من رئيس دولة، يفتح الباب أمام إعادة التفكير في أدوات المواجهة مع الاحتلال، ويؤكد أن القضية الفلسطينية دخلت مرحلة جديدة بعد طوفان الأقصى، حيث لم يعد مقبولا أن تبقى فلسطين رهينة بيانات الشجب، بل أصبحت مرادفا لاختبار الضمير الإنساني العالمي. 

كان الرئيس الكولومبي في خطابه الأخير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، قد دعا دول الجنوب العالمي إلى تشكيل جيش أممي “لتحرير فلسطين” والدفاع عن نفسها ضد “الاستبداد والشمولية” اللذين تروج لهما الولايات المتحدة وحلف الناتو. 

وحث بيترو الدول التي لا تقبل الإبادة الجماعية إلى تشكيل “قوة مسلحة للدفاع عن حياة الشعب الفلسطيني”، مؤكدا أن الاكتفاء بالشجب والتنديد لم يعد مجديا أمام الجرائم التي ترتكبها دولة الاحتلال في غزة والضفة الغربية. 

 

اعتقال نتنياهو

 

وكرر الرئيس بيترو دعوته في تصريحات صحفية عقب انتهاء جلسات الجمعية العام للأمم المتحدة، حيث شدد على أن بيانات التنديد لم تعد توقف القصف ولا تنقذ المدنيين من الإبادة الجماعية المستمرة منذ نحو عامين. 

وربط بين التجربة التاريخية لبلاده مع العنف والحروب الداخلية وبين التضامن مع الفلسطينيين، في محاولة لإضفاء بعد إنساني وتجريبي على موقفه السياسي. 

وأشار الرئيس بيترو إلى حالة السخط المتصاعد لدى قطاعات واسعة من شعوب العالم، التي ترى في المؤسسات الدولية، وعلى رأسها مجلس الأمن، كيانات عاجزة أمام الفيتو الأمريكي. 

وطالب بضرورة اعتقال المتهمين بارتكاب جرائم إبادة في غزة وإحالتهم إلى المحكمة الجنائية الدولية، وهو أمر يتوافق مع صدور مذكرات فعلية باعتقال نتنياهو ووزير حربه السابق ولكنها بقيت حبيسة الأدراج نتيجة ازدواجية المعايير العالمية. 

 

الرئيس البرازيلي

 

وفي موقف لافت التقطت عدسات الكاميرات صورة للرئيس البرازيلي "لولا دا سيلفا" وهو يقبل رأس نظيره الكولومبي في أعقاب كلمته التي دعا فيها إلى تشكيل جيش دولي لتحرير فلسطين، والوقوف في وجه الاستبداد والشمولية. 

وشدد لولا دا سيلفا، على أن سلطة منظمة الأمم المتحدة أصبحت على المحك، وأنه لا يمكن تحقيق السلام مع الإفلات من العقاب، وأنه لا شيء يمكن أن يبرر الإبادة المستمرة في غزة. 

 

نقلة نوعية

 

من جانبه أكد الكاتب والمحلل السياسي أحمد بشير العيلة، أن الرئيس الكولومبي الشجاع جوستافو بيترو أطلق نقلة نوعية في الخطاب السياسي اليساري على المستوى الدولي من عدة أوجه؛ حيث لم يقف الخطاب عند حد انتقاد السياسات الأمريكية أو الإمبريالية أو الرأسمالية العالمية (وهو أمر معتاد في الخطاب اليساري)، بل تجاوزه إلى دعوة عملية غير مسبوقة لتشكيل جيش تحرير دولي تحت مظلة “الاتحاد من أجل السلام”. 

وشدد العيلة فى تصريحات صحفية على أن هذه نقلة من الاحتجاج إلى المقاومة الفعلية المنظمة، يعطيها بُعدًا تاريخيًا، معتبرا أن الدعوة لتشكيل جيش عالمي لتحرير فلسطين هي أقوى تصريح يتخذه اليسار العالمي تاريخياً. 

وأشار إلى أن خطاب الرئيس الكولومبي الشجاع جوستافو بيترو قد رفع القضية الفلسطينية من مستوى قضية تضامن إنساني أو صراع إقليمي إلى محك أساسي للأخلاق الدولية، حيث صّور بيترو ما يحدث في غزة على أنه “إبادة جماعية” وقارن المسئولين عنها بهتلر، مما يضع العالم أمام اختبار أخلاقي لا يمكن التهرب منه. 

 

غضب دولي

 

وقال الباحث الأكاديمي، والمحلل السياسي اللبناني الدكتور أحمد يونس: إن  "دعوة رئيس كولومبيا لتشكيل جيش لمواجهة دولة الاحتلال جاءت في سياق تصاعد الغضب الدولي من حجم الكارثة الإنسانية في غزة، لكنها تبقى أقرب إلى موقف رمزي يعكس رفضا أخلاقيا لما يجري أكثر مما هي خطة قابلة للتنفيذ".  

 وأكد يونس في تصريحات صحفية أن التحرك العسكري ضد دولة الاحتلال يتطلب توافقا دوليا واسعا وغطاء قانونيا من مجلس الأمن، وهو أمر مستبعد في ظل الفيتو الأمريكي والغربي، إضافة إلى موازين القوى التي تجعل أي مواجهة مباشرة مع دولة الاحتلال مدخلا إلى صدام إقليمي ودولي أكبر. 

وأشار إلى أن الواقع يفرض أن مثل هذه الدعوات تصطدم بتعقيدات السياسة الدولية؛ موضحا أن الدول العربية والإسلامية نفسها، ورغم التعاطف مع غزة، لم تستطع الاتفاق على تشكيل قوة عسكرية مشتركة، بل اكتفت بالتحرك الدبلوماسي والضغط عبر المنظمات الدولية

وأضاف يونس :  إذا كانت هذه الدول التي تحمل القضية تاريخيا لم تنجح في تجاوز خلافاتها أو تحمل كلفة المواجهة، فمن غير الواقعي الاعتقاد أن دولة في أمريكا اللاتينية قادرة على تحويل هذا الشعار إلى قوة عسكرية فعلية وفق تعبيره . 

 

إعلان حرب

 

وتابع : إن تشكيل جيش لمواجهة دولة عضو في الأمم المتحدة يطرح إشكاليات في الشرعية الدولية، إذ يمكن أن يعتبر إعلان حرب خارج إطار القانون الدولي، ما يعرض المشاركين لعزلة سياسية واقتصادية وربما عقوبات، معتبرا أن مثل هذه الدعوات أقرب إلى رفع السقف السياسي والإعلامي لدعم غزة وإحراج دولة الاحتلال، أكثر من أن تكون مشروعا عمليا يلقى توافقا دوليا . 

وشدد يونس على أنه بالنظر إلى توازنات القوى العالمية، فإن ما يمكن أن يتمخض عن هذه المواقف هو زيادة الضغوط على دولة الاحتلال لوقف العمليات العسكرية، والمطالبة بمحاسبة دولية، ودعم تحركات لإرسال قوات مراقبة أو استقرار تحت مظلة أممية، لا جيش دولي يواجه دولة الاحتلال عسكريا، وعليه، تبقى الفكرة في إطار التعبير السياسي العالي النبرة، لكنها بعيدة جدا عن التحقق في أرض الواقع .