«المنصات العقارية».. أحدث وسيلة للاحتيال والنصب على المصريين في زمن الانقلاب

- ‎فيتقارير

 

وسائل السرقة والنهب والاحتيال على المواطنين انتشرت بصورة غير مسبوقة في زمن الانقلاب الذي لا يجد فيه المواطن حماية من مثل هذه الممارسات، حيث تترك حكومة الانقلاب اللصوص يعملون بحرية، وعندما يتقدم المواطن بشكوى يحملونه المسئولية بزعم أنه يشارك في أعمال غير قانونية أو غير مرخصة وليس لها مقر ثابت، وبالتالي لا يمكن الوصول إلى هؤلاء اللصوص وتنتهي الأزمة ويخسر المواطن أمواله .

في هذا السياق انتشرت فكرة الجمعيات العقارية أو ما يُعرف بـ«الحصص العقارية»، التي يشارك فيها مجموعة من الأصدقاء أو الشباب أو حتى العائلات في تجميع مبلغ مالي لشراء وحدة سكنية أو تجارية، بهدف إعادة بيعها أو تأجيرها وتقسيم العائد بينهم .

هذه الفكرة تطورت في بعض الحالات إلى مشروعات تديرها شركات ومنصات إلكترونية، لكن هذه المنصات تعمل  خارج الإطار الرسمي والقانوني، وغالبًا بدون عقود واضحة أو رقابة مالية، ما يعرّض المشاركين فيها لمخاطر حقيقية.

على صفحات السوشيال ميديا هناك نماذج لكيانات تعرض حصصًا عقارية للبيع على الإنترنت، وتعد بعوائد ربع سنوية ثابتة، لكنها لا تملك ترخيصًا من الهيئة العامة للرقابة المالية أو أي جهة تنظيمية، وبعضها لا يوضح موقع العقار، أو لا يملك إثبات ملكية حقيقي، وتصف بعض هذه الشركات نفسها بأنها «منصة استثمار»، وتقوم بجمع الأموال دون الإفصاح عن طريقة إدارتها أو المخاطر المحيطة بها.

 

نزاع قانوني

 

حول هذه الأزمة قال سعد (29 عامًا) موظف في شركة تسويق رقمي بالجيزة : "قررت مع صديقين مقربين، منذ عامين دخول مشروع استثماري بسيط يتيح لنا الادخار وتحقيق ربح من العقار، دون حاجة لشراء شقة كاملة، موضحا أن الفكرة كانت أن كل واحد فينا يدفع 100 ألف جنيه، وندوّر على شقة صغيرة في منطقة جديدة، نشتريها، نجهزها، ونبيعها بعد كده ونقسم المكسب".  

وقال سعد: بالفعل وجدنا وحدة في منطقة أكتوبر، وبدأنا إجراءات الشراء من المالك مباشرة، دون وسيط قانوني، فقط بوعد بالبيع وعقد بيع ابتدائي.

وأشار إلى أنه لم يمر الوقت حتى انقلبت الأمور رأسًا على عقب بعد توقيع العقد، إذ اكتشفنا لاحقًا أن الشقة غير مسجلة، وهناك نزاع قانوني بين المالك الحقيقي وشخص آخر، موضحا أنه حاول هو وصديقاه استرداد المبلغ، لكن البائع اختفى، ولم يكن هناك عقد موثق في الشهر العقاري أو أوراق رسمية تساعدهم في رفع دعوى قضائية، وخسر الثلاثة ما يقرب من 300 ألف جنيه.

وقال سعد: كنا متحمسين وعندنا حسن نية، بس ماحدش فينا كان بيفهم قانون، وكلنا اتكسفنا نقول لحد أو نسأل محامي في الأول مضيفا : لو كنا بس خدنا خطوة التوثيق وراجعنا محامى، مكنّاش هنقع في الفخ ده .

 

منصة إلكترونية

 

وكشف محمد (32 عامًا) – فني شبكات – القاهرة الجديدة أنه شارك من خلال منصة إلكترونية أعلنت عن بيع «حصص عقارية» في مول تجارى جديد، دفع 75 ألف جنيه مقابل وثيقة تؤكد أنه شريك في وحدة تجارية، وسيحصل على أرباح ربع سنوية بنسبة معينة، تبدأ بعد 6 شهور من توقيع العقد الإلكتروني.

وقال محمد : "في الأول كل حاجة كان شكلها محترم، الموقع الإلكتروني منسق، وخدمة العملاء بيردوا، وفيه فيديوهات بتشرح المشروع بالتفصيل، لكن بعد 9 شهور، لم يتلق أي أرباح، وحين حاول التواصل مع الشركة، وجد الردود تتأخر، ثم انقطعت تمامًا.

وأضاف : اتضح لاحقًا أن المنصة غير مرخصة، ولا تخضع للرقابة المالية، والوحدة التجارية التي باعوا حصصها «تحت الإنشاء»، ولم يتم استلامها بعد من الشركة الأم مؤكدا أنه لم يستطع حتى اليوم استرداد أمواله أو الوصول إلى مسئولي المنصة.

وتابع محمد : اللي خدعني مش بس التصميم الاحترافي، لكن كمان فكرة إنه فيه ضمان على الأرباح.. كانوا بيقولوا إن ده زي صندوق استثمار، وأنا بصراحة مفرقتش بين الكلام ده وبين الحقيقة .

 

عروض مغرية

 

وقالت ليلى (35 عامًا) – مدرسة بالمعادي، انها تابعت إحدى الصفحات النشطة على «فيسبوك»، كانت تنشر باستمرار عروضًا مغرية عن فرص استثمار آمنة وصغيرة في العقارات، مشيرة إلى أن الإعلان تحدث عن إمكانية شراء حصة بقيمة 50 ألف جنيه في شقة مفروشة تُدار بنظام الإيجار اليومي في منطقة العين السخنة، مع وعد بعائد شهري ثابت ومضمون.

وأضافت : أنا شفت إن ده أنسب ليّ كأم ومعنديش وقت أدير استثمار بنفسي، موضحة أن التواصل كان سريع، وبعتولي نموذج عقد إلكتروني بسيط فيه نسبة الأرباح ووعد بتحويل شهري .

وأشارت ليلى إلى أنها دفعت المبلغ من مدخراتها، وتلقت إيصالًا إلكترونيًا، لكن بعد 3 شهور، لم يصلها أي عائد، وتواصلت مع من يُسمى «مدير المشروع» ليتضح أن الشقة لم تُجهز بعد، وأن الإيجار لم يبدأ، وبعد شهرين إضافيين، اختفت الصفحة من فيسبوك، وأرقام التواصل أُغلقت تمامًا .

وأكدت أنها لم تحصل على أي مستند رسمي أو إثبات ملكية، وحتى العقد الإلكتروني لم يكن مسجلًا باسم جهة قانونية معروفة معربة عن أسفها لأن المشكلة إنهم كانوا بيكلمونا بنبرة ثقة، وكأن كل حاجة قانونية، وأنا صدقت من غير ما أراجع أو أسأل متخصص .

 

استثمار سريع

 

وقال هاني (38 عامًا) – محاسب بالإسكندرية، ان حكايته بدأت بمكالمة من أحد أصدقائه عرض عليه فرصة «استثمار سريع» في مشروع عقاري جديد على أطراف الإسكندرية، يتضمن شراء وحدة في مجمع إداري، على أن يتشاركوا فيها مع أربعة آخرين.

وأشار إلى أن الفكرة كانت حماسية، وكل واحد يدفع حوالي 60 ألف جنيه، صاحب الفكرة كان شغال قبل كده في شركة تسويق عقاري، وكان بيبان عليه إنه فاهم .

وأضاف هاني : بالفعل تم جمع المبلغ وتسليمه نقدًا لصديقهم، على أن يتم توقيع العقود لاحقًا، لكن بعد مرور أسابيع، بدأ الشك يتسلل إليهم مع غياب التحديثات، وحين ضغطوا عليه، اعترف بأنه سلّم المبلغ لوسيط عقاري «ثقة»، لكنه اختفى لاحقًا دون أن يترك أثرًا.

وأكد أنه لم يكن هناك أي إيصال أو عقد، فقط رسائل «واتساب» متبادلة، وبعض الصور لوحدة من المفترض أنها «الهدف»، لافتا إلى أنه هو وأصدقاؤه خسروا 300 ألف جنيه دون أن يعرفوا حتى إن كان العقار موجودًا من الأساس أم لا ؟

واختتم هاني قائلًا: تعلمت الدرس… مفيش حاجة اسمها استثمار بدون ورق رسمي ومحامٍ، مؤكدًا أنه لن يكرّر الخطأ مرة أخرى.