مرضى ٦ أكتوبر أصيبوا بالعمى…الإهمال في مستشفيات حكومة الانقلاب على عينك ياتاجر

- ‎فيتقارير

 

 

الكارثة التي شهدتها مستشفى 6 أكتوبر للتأمين الصحي بالدقي قبل أيام فتحت ملف الإهمال في المستشفيات الحكومية، وعدم توافر الأجهزة والمستلزمات الطبية، بسبب قرارات حكومة الانقلاب بتقليص ميزانيات هذه المستشفيات دون اعتبار للمرضى، وما قد يصيبهم بسبب هذا النقص والعجز .

كانت مستشفى 6 أكتوبر للتأمين الصحي قد شهدت عدة حالات عمليات مياه بيضاء وزرع عدسات، لكن خرج عدد من المرضى مصابين بالتهابات حادة في العين، وتدهور في الحالة، وانتهى الأمر ببعضهم إلى تفريغ العين كاملة وإصابتهم بالعمى .

ورغم إعلان وزارة صحة الانقلاب إحالة الواقعة إلى النيابة العامة وقرارها بإيقاف الأطباء المشاركين في العمليات، وإنهاء تكليف مدير المستشفى، بعد أن كشفت التحريات وجود تقصير واضح في الالتزام ببروتوكولات مكافحة العدوى، إلا أن كوارث الإهمال لا تتوقف عند هذه الحادثة في المستشفيات الحكومية .

 

التهاب بكتيري

 

في هذا السياق لم يكن محمد حسين، مدرس اللغة العربية، يتخيل أن رحلة علاجه من المياه البيضاء ستتحول إلى كابوس ينتهي بفقدان بصره داخل غرفة العمليات في مستشفى 6 أكتوبر للتأمين الصحي، ورغم أنها عملية يفترض أنها بسيطة، لكنه خرج منها بعين ملوثة وصديد لا يتوقف.

حول تفاصيل ما حدث قال عبد الرحمن نجل محمد حسين ً: “والدي أجرى العملية على يد الطبيبة سحر عبدالله، وبعد خروجه مباشرة بدأ يعاني من آلام شديدة غير طبيعية، وصديد متواصل من العين، مشيرا إلى أنه في اليوم التالي أكد الأطباء وجود التهاب بكتيري حاد “.

وأضاف أن الأسرة فوجئت باختلاف أقوال الأطباء، إذ طمأنهم الدكتور حافظ محمد حافظ على الحالة وأنه لا يحتاج لمزيد من الحقن، في الوقت الذي كانت البكتيريا تأكل في العين.

وتابع عبد الرحمن: كان الأطباء يصرون على أن يخرج والدي من المستشفى بأي شكل، رغم تدهور حالته، وكأن الهدف إبعاد المسئولية عن أنفسهم .

وأشار إلى أنه مع تدهور الحالة، أبلغنا الأطباء بضرورة إجراء عملية تفريغ كامل للعين لمنع انتقال العدوى إلى المخ أو العين الأخرى، وهو القرار الذي صدم الأسرة وأدخلها في حالة انهيار.

وأكد عبد الرحمن أن إدارة المستشفى حاولت إخفاء الواقعة والهروب من المسئولية، مشيراً إلى أن التقارير الأولية نسبت العدوى إلى المريض نفسه، وهو ما استدعى تدخل النيابة الإدارية بعد ورود شكاوى متكررة ضد المستشفى.

وقال: إن “الأسرة اتخذت الإجراءات القانونية للحصول على حق الوالد الذى فقد بصره نتيجة مضاعفات العملية، بينما ينتظرون التقرير النهائي من قصر العيني بعد نقله إليه مطالبا بمحاسبة كل من تسبب في هذه الكارثة، حتى لا تتكرر المأساة مع مرضى آخرين .

 

تفريغ كامل للعين

 

وعن حالة الحاجة شادية قال نجلها عبدالمنعم : “أتمنى أن يكون ما حدث لوالدتي درساً يحمي غيرها من الوقوع في نفس المأساة”.

وأضاف : والدتي دخلت المستشفى لإجراء عملية إزالة مياه بيضاء وزرع عدسة، وهي عملية يفترض أنها لا تستغرق وقتا طويلاً وبالفعل خرجت من غرفة العمليات، وعادت إلى المنزل بعد ساعات، لكن بمجرد زوال تأثير البنج، لاحظت الأسرة أن الأم لا ترى شيئاً.

وأشار عبد المنعم إلى أن ألما شديدا غير محتمل استمر معها لمدة تسعة أيام متواصلة، حتى إنها لم تكن قادرة على الأكل أو الشرب من شدة الوجع .

وتابع : حاولت الأسرة التواصل مع المستشفى للاستفسار عن السبب، لكنهم فوجئوا بإنكار كامل من الإدارة والأطباء، وكأن المشكلة لا تخصهم وبعد ضغط متواصل للحصول على تفسير أخبرهم الأطباء بأن هناك ميكروباً أصاب العين لكن دون أي اعتراف بالتقصير أو تحمل المسئولية، ومع تدهور الوضع تحولت الحالة إلى قصر العيني، وهناك كانت الصدمة لابد من تفريغ كامل للعين بعد أن فقدت وظيفتها.

وتساءل عبد المنعم : هل أجساد الناس أصبحت للتجارب؟ وهل من السهل إطفاء نور عين إنسان بهذه البساطة؟ مشددا على ضرورة أن يتحمل كل مقصر مسئوليته، لأن الإهمال في حياة الناس لا يمكن تبريره أو التساهل معه .

 

هيكل العين كله

 

وقالت رشا أحمد في رسالة موجهة إلى وزير صحة الانقلاب : “أنا رشا أحمد عبد المعطى بنت الحاجة نجاح ربيع عبداللطيف، أمي إحدى الحالات إلى مش بس فقدت بصرها أمي للأسف فقدت هيكل عينها كله “.

وأضافت : بعد قرار وزير صحة الانقلاب بإحالة الواقعة للنيابة العامة بنطالب النائب العام بالقصاص لينا كلنا .

 

تعقيم فعال

 

حول هذه الحادثة أكدت الدكتورة سلوى فرح، أخصائية العيون بمستشفى دار السلام العام، أن أول خطوة لتفادي تكرار مثل هذه الكوارث هي توفير الإمكانيات اللازمة لإجراء تعقيم فعال داخل غرف العمليات، مشيرة إلى أن بعض الأدوات والأجهزة المستخدمة في جراحات المياه البيضاء يجب أن تكون مخصصة للاستعمال لمرة واحدة فقط رغم تكلفتها العالية، لكنها تظل الوسيلة الأكثر أمانا لحماية المرضى من العدوى.

وشددت « سلوى فرح » في تصريحات صحفية على أن التعقيم ليس مجرد إجراء  روتيني، بل منظومة متكاملة تبدأ من الأجهزة وتنتهي بتدريب الأطقم الطبية، موضحة أن توفير الدورات المتخصصة في مكافحة العدوى سواء للأطباء أو لهيئة التمريض يمثل عنصراً أساسياً في الحد من المضاعفات.

وأوضحت أن إلقاء المسئولية بالكامل على الطبيب أمر غير منصف، إذ إن بعض المشكلات قد تنتج عن قصور فى الإمكانيات أو عن عوامل تتعلق بالمريض نفسه، مشيرة إلى أن دور الطبيب يبقى محورياً في سرعة اكتشاف أي مضاعفات مبكرة.

وحذرت « سلوى فرح » من الاستهانة بأي أعراض بعد العملية، مؤكدة أنه في حال شعور المريض بآلام شديدة في العين مع وجود احمرار ملحوظ أو تراجع في مستوى الرؤية، فإن ذلك يستدعى مراجعة الطبيب فوراً دون تأجيل، لأن التدخل السريع قد ينقذ العين من فقدان وظيفتها.