مرونة فى تسليم السلاح وإيران تفضل المقاومة الذكية ..هل ينجح الصهاينة والأمريكان فى تفكيك حزب الله ؟ 

- ‎فيعربي ودولي

 

 

كشفت مصادر حكومية لبنانية عن تعاون حزب الله في ملف تسليم السلاح، مؤكدة أن هناك مرونة يبديها الحزب تجاه هذا الملف الحساس، في المقابل رفض حزب الله التعليق على هذه المعلومات. 

وقالت المصادر التى طلبت عدم الكشف عن هويتها ان نقاشات تدور في بيروت خلف الأبواب المغلقة عن مستقبل سلاح حزب الله، واحتمالات إدماجه في منظومة داخلية، وسط تزايد المؤشرات على أن الحزب نفسه بدأ يتهيأ لمرحلة انتقالية تفرضها موازين القوى الإقليمية والدولية الجديدة. 

وأشارت إلى أن الخطاب عالي السقف لقيادة الحزب، تقابله مرونة عالية في الغرف المغلقة موضحة أن الحزب بدأ يُبدي مرونة غير مسبوقة في مقاربة هذا الملف، وأن النقاشات الحالية لم تعد تتعلق بمبدأ التسليم أو الرفض، بل بكيفية إخراج السلاح من المعادلة من دون خسارة الحزب لدوره السياسي أو لقدرته على التأثير الداخلي. 

 

يشار إلى أنه عقب 66 يوماً من معارك شرسة بين حزب الله وجيش الاحتلال ، أدت جهود دولية قادتها واشنطن إلى التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار بين الحزب ودولة الاحتلال . 

وبموجب الاتفاق، يكون الجيش اللبناني الجهة الوحيدة المسموح لها بحمل السلاح جنوب البلاد، مع تفكيك البنى التحتية والمواقع العسكرية، ومصادرة الأسلحة غير المصرح بها. 

وإلى جانب استمرار قصف الاحتلال وخروقاته للاتفاق في مناطق جنوب وشرق لبنان، لا يزال جيش الاحتلال يحتل 5 تلال سيطر عليها في الحرب الأخيرة، إضافة لمناطق لبنانية أخرى يحتلها منذ عقود. 

 

مراجعة داخلية 

 

وكشفت المصادر ان حزب الله بدأ فعلياً مراجعة داخلية هادئة لواقعه العسكري والسياسي، بالتوازي مع انخراطه في قنوات تواصل غير مباشرة مع الحكومة اللبنانية، برعاية أطراف داخلية وخارجية مؤكدة أن الحزب، الذي طالما رفض أي نقاش في مسألة السلاح، بات اليوم يضع خطوطاً حمراء جديدة تختلف جذرياً عن السابق وفق تعبيرها .  

وأكدت ان حزب الله سلّم خلال الأسابيع الماضية عدداً من المراكز والمستودعات الحساسة الواقعة في منطقة شمال الليطاني إلى الجيش اللبناني، في عملية تمت بهدوء كامل مشيرة إلى أن أبرز تلك المراكز كان مخزن السلاح في منطقة الجيّة، على تخوم العاصمة اللبنانية بيروت، الذي كان يضم أسلحة متطورة وحساسة.  

وقالت المصادر ان عملية التسليم جرت تحت إشراف مباشر من الجيش اللبناني، وبعلم أركان الدولة، معتبرة الخطوة تعبّر عن نية الحزب لتجميد استخدام الأراضي اللبنانية لأي نشاط عسكري مع الاحتلال الصهيونى. 

 

استراتيجية جديدة 

 

في المقابل، رفض حزب الله التعليق على هذه التصريحات المتداولة حول مستقبل سلاحه، مكتفياً بالبيانات الرسمية الصادرة عن دائرة العلاقات الإعلامية في الحزب وعلى لسان قادته. 

لكن مصادر سياسية قريبة من الحزب أكدت أن الانفتاح الداخلي قائم فعلاً على نقاشات تتصل بصياغة استراتيجية دفاع وطني جديدة، يجري التفاهم بشأنها مع رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري. 

وأكدت أن المناقشات بين حزب الله والحكومة، تقوم على إدماج قوة الحزب ضمن منظومة أمن وطني شاملة تشرف عليها الدولة اللبنانية. 

فيما شددت المصادر الحكومية أن موقف الحزب من السلاح لم يعد كما في السابق، مؤكدة أن الحزب يربط مصير ترسانته العسكرية بملف الاحتلال الصهيوني لما تبقّى من النقاط الحدودية الخمس المتنازع عليها، وباستكمال انسحاب الاحتلال من الأراضي اللبنانية جنوباً.   

وأوضحت أن الحزب يقدّم هذا الربط كضمانة تتيح له الدفاع عن مشروعية سلاحه مؤقتاً، إلى حين تحقيق تسوية شاملة تنهي كل مظاهر الاحتلال وتفتح الباب أمام انتقال منظم نحو منظومة دفاع وطنية تحت مظلة الدولة. 

 

وعن الخطوات العملية المتعلقة بتسليم السلاح، كشفت المصادر الحكومية، أن حركة نقل السلاح من البقاع إلى الجنوب لصالح حزب الله قد توقفت، وتم تفكيك نقاط مراقبة غير رسمية على طرق فرعية كانت تُستخدم سابقاً كطرق لوجستية.  

وقالت ان المعلومات المتوفرة لدى الحكومة، بأن حزب الله يلتزم اليوم بإجراءات الجيش اللبناني وانتشاره في مناطق حساسة من الجنوب والبقاع، وأنه أوقف عمليات إعادة التموضع والتدريب الداخلي التي كان الحزب ينفذها بشكل دوري. 

 

المبعوث الأمريكي توماس باراك  

 

وأكدت المصادر الحكومية، أن حزب الله اقترح على الدولة اللبنانية إعادة السلاح الإيراني إلى مصدره، واصفة هذه الخطوة بأنها سابقة في تاريخ الحزب. 

وأوضحت أن طرح حزب الله يقوم على أساس أن الحزب لم يعد بحاجة إلى تخزين كميات ضخمة من السلاح في لبنان، طالما أن الردع الإقليمي يمكن ضمانه عبر تفاهمات إقليمية وانتشار عسكري أوسع للجيش، وأن الإبقاء على بعض السلاح المتوسط والخفيف يكفي لحماية الوضع الداخلي خلال المرحلة الانتقالية. 

وتابعت المصادر أن هذا المقترح نُقل عبر قنوات رسمية إلى المبعوث الأمريكي توماس باراك، متضمناً تصوراً تنفيذياً يتيح مراقبة الأمم المتحدة أو لجان مشتركة من الجيش اللبناني لهذا الاقتراح.  

وحول الرد الأمريكي قالت المصادر إنه لا يزال قيد الدراسة، بانتظار نتائج المفاوضات الإيرانية – الأمريكية المرتقبة في سلطنة عمان . 

 

قرار مركزي 

 

ميدانياً أكدت مصادر أمنية لبنانية أن هناك ضبط نفس غير مسبوق يُظهره حزب الله في الجنوب والبقاع منذ أسابيع، لافتة إلى أن هناك قرار مركزي من قيادة الحزب، بوقف أي احتكاك أو نشاط يُفسر على أنه تحدٍ للدولة أو للجيش. 

وقالت ان هذا الموقف جاء متزامناً مع رسائل إيرانية إيجابية تجاه الرياض، وبروز آلية تنسيق سعودية – إيرانية يشرف عليها كل من وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، تتناول ملفات المنطقة الحساسة، ومنها لبنان . 

وأكدت المصادر أن الانفتاح الحذر للحزب، جاء بعد اتصالات غير مباشرة بين بيروت وطهران وواشنطن، شاركت فيها أطراف عربية، بينها سلطنة عمان موضحة أن بيروت تلقت رسائل أمريكية مفادها أن أي تقدم في ملف المساعدات الاقتصادية وإعادة الإعمار مرتبط بخطوات عملية نحو "حصر السلاح بيد الدولة".  

 

الساحات المشتعلة 

 

وقالت مصادر دبلوماسية لبنانية، إن طهران تتعاطى مع ملف سلاح حزب الله بحذر شديد، مدركةً أن أي خطوة متسرعة قد تُفقدها إحدى أهم أدوات حضورها الإقليمي، خاصة أن البيئة الاستراتيجية التي سمحت ببقاء حزب الله مسلحاً طوال العقدين الماضيين تتآكل تدريجياً.  

وأوضحت أن الحرب الأخيرة في غزة، وما تبعها من تفاهمات إقليمية، جعلت إيران تميل نحو مقاربة أكثر ليونة تقوم على تحييد الساحات المشتعلة، استعداداً لجولة تفاوض جديدة في مع الإدارة الأمريكية وفق قولها. 

وأكدت المصادر أن المرشد الأعلى علي خامنئي أعطى توجيهات بتقليص الانخراط العلني في الساحات الإقليمية، مع الحفاظ على نقاط الارتكاز الأساسية، ومنها حزب الله، ولكن ضمن إطار سياسي منضبط، لا يُعرّض إيران لعقوبات إضافية، أو مواجهة مفتوحة مع الغرب.  

وكشفت أن طهران لا تمانع إعادة تموضع تدريجي للحزب داخل المنظومة اللبنانية، شرط أن يتم ذلك بتفاهم شامل يضمن استمرار حضوره السياسي والأمني عبر قنوات مدنية واقتصادية جديدة، لا عبر السلاح فقط. 

 

المقاومة الذكية 

 

وأوضحت المصادر أن الخطاب الإيراني الرسمي بات يتحدث عن المقاومة الذكية، بدلاً من المقاومة المسلحة، وهي صيغة تُستخدم اليوم في الإعلام الإيراني لتبرير انتقال طهران من مرحلة المواجهة إلى مرحلة تثبيت المكتسبات.  

وأكدت أن ذلك يأتي في محاولة لهندسة خروج آمن لحزب الله من الميدان العسكري، دون أن تفقد الورقة اللبنانية التي ظلت لعقود جزءاً أساسياً من استراتيجيتها الدفاعية في الشرق الأوسط.