المنظومة التعليمية انهارت بالفعل فى زمن الانقلاب خاصة عقب المناهج الكارثية التى فرضها وزير التعليم الانقلابى الحالى محمد عبداللطيف والتى لا تتوائم مع الطفل المصرى فى ظل عجز كبير فى أعداد المعلمين وكثافة الفصول وإلزام التلاميذ بالحضور بجانب ما يسمى بالتفييمات اليومية والأسبوعية التى تنهك المعلم والتلميذ وولى الأمر فى نفس الوقت .
أولياء الأمور اضطروا إلى منع أبنائهم من الذهاب إلى المدارس احتجاجا على الأوضاع الصعبة فى المدارس بجانب رفض وزير تعليم الانقلاب الاستماع إليهم أو الاستجابة لمطالبهم .
التعليم الفني
فى هذا السياق كشفت دينا العبد، معلمة في مدرسة ثانوي صناعي بنات بمحافظة المنيا، أن الأوضاع داخل المدارس الفنية وصلت إلى مستوى متدنٍ وغير مسبوق، مؤكدةً أن التعليم الفني “ينهار فعليًا” بسبب غياب الانضباط، وضعف المستوى الدراسي للتلاميذ، وسوء الإدارة، وغياب الدعم المادي والمعنوي لكلٍّ من التلاميذ والمعلمين على حدٍّ سواءٍ.
وقالت دينا العبد فى تصريحات صحفية إن المناهج الجديدة المعروفة باسم “نظام الجدارات” فاقمت الأزمة، لأنها تتضمن متطلباتٍ مادية لا تراعي ظروف الطالبات، إذ تُلزم كل طالبة بشراء أدوات وخامات مستمرة للتدريب العملي في تخصصات الملابس أو الزخرفة أو الحاسب الآلي، محملة ذويهم أعباءً مادية في ظل الظروف الاقتصادية الطاحنة.
وأوضحت أن الطالبات والطلاب في التعليم الفني التحقوا بتلك المدارس لأن أسرهم لا تملك تكلفة الدروس الخصوصية في الثانوية العامة، فكيف نطالبهم كل أسبوع بشراء خيوطٍ وأقمشةٍ وأدواتٍ جديدة؟.
وأكدت دينا العبد أن الكثير من الطالبات فى المدرسة يضطررن إلى التغيب أو التحويل إلى نظام المنازل بسبب عدم قدرتهن على الوفاء بتلك التكاليف .
كتب التقييمات
وأشارت إلى أن المعلمات يتحملن عبئًا إضافيًا يتمثل في إعداد كتب التقييمات وملفات إلكترونية لكل طالبة، كون أغلبهن لا يجدن الكتابة، مؤكدة أن بعض المدارس سلّمت المعلمات كتب تقييم فارغة ليملأنها بأيديهن نيابة عن الطالبات .
وتساءلت دينا العبد : يُطلب منا كتابة تقييمٍ خالٍ من الأخطاء، بينما الطالبة لا تعرف كيف تكتب اسمها، فكيف يكون ذلك تعليمًا؟ محذرة من العجز في عدد المعلمين ورفض الموجّهين إرسال مدرسين جدد إلى المدارس الفنية، بحجة أن التعليم الأساسي أولى، وأن المواد الثقافية في الفني ليست ذات أهمية، مما جعل مدارس كاملة بلا معلمي رياضيات أو علوم أو لغة عربية .
وأضافت : يجري الاكتفاء بحصص احتياط أو مدرسٍ واحد يغطي أكثر من مدرسة، بينما تتحول الورش إلى عبء مادي جديد دون فائدة حقيقية، بينما تُهمَل المواد الثقافية تمامًا، ما يجعل العملية التعليمية “صوريةً لا أكثر”، مؤكدة أن التعليم الفني يُعامل باعتباره قطاعًا مهمشًا داخل الوزارة، حيث لا تُرسل إليه الكوادر الكافية ولا يحظى بالاهتمام الإداري أو الميداني.
وانتقدت دينا العبد نظام التقييم اليومي المفروض على المعلمين، مشيرةً إلى أنه يُلزمهم بإجراء تقييمٍ مستمر لكل طالب يوميًا في فصل يضم نحو خمسين طالبًا، مما يجعلهم غير قادرين على الشرح أو المتابعة، ويقضى المعلمون اليوم في التقييم والحضور والانصراف، ولا يجدون وقتًا للتدريس الفعلي.
ولفتت إلى أن المدارس تحولت إلى بيئة جافة تفتقر لأي جانب ترفيهي أو تربوي، مؤكدة أن حصص التربية الرياضية تقلصت إلى حصة واحدة أسبوعيًا رغم أن كل فصل يفترض أن يحصل على ثلاثٍ أو أربع حصص.
مناهج مستوردة
وأكدت فاطمة فتحي مؤسسة مبادرة تعليم بلا حدود، أن المشكلات الحالية التى يعانى منها التعليم فى زمن الانقلاب ليست وليدة اللحظة، بل نتيجة تراكماتٍ لم تتم معالجتها منذ سنوات موضحة أن أزمة المناهج الدراسية ممتدة منذ إطلاق ما يسمى بالمنظومة التعليمية الجديدة عام 2018 .
وقالت فاطمة فتحي فى تصريحات صحفية : وزير التعليم الانقلابى محمد عبد اللطيف يفتقر للتواصل مع أولياء الأمور، ما زاد من احتقان الشارع التربوي وتصاعد الدعوات إلى الامتناع عن الذهاب للمدارس.
وأوضحت أن الأزمة بدأت مع تصريحاتٍ لوزير تعليم الانقلاب الأسبق طارق شوقي، الذي أقر بأن المناهج مستوردة وتضم محتوى يفوق قدرات الأطفال المصريين، مما دفع الوزارة حينها إلى تقليص بعض الدروس، غير أن المناهج الجديدة عادت لتصبح أكثر صعوبةً في السنوات الأخيرة، مع تغييراتٍ متكررةٍ أربكت الطلاب والمعلمين على حدٍّ سواء .
وأشارت فاطمة فتحي والتى تعمل مدرسة تربية فنية إلى أن وزير تعليم الانقلاب الحالي يركّز على إعادة الطلاب إلى المدارس دون توفير المقومات اللازمة لذلك، بينما التلاميذ يعانون من ضغط هائل بسبب كثافة المناهج، وتعدد التقييمات الأسبوعية والشهرية، وصعوبة المواد، في وقت لم تُسد فيه أزمة العجز في أعداد المعلمين.
وأضافت : الطلاب يعودون إلى منازلهم منهكين، غير قادرين على استكمال واجباتهم، لأن الحصص قصيرة، والفصول مكتظة، والمناهج تتضمن وحداتٍ تحتوي على عددٍ كبير من الدروس يتجاوز طاقة الأطفال، ما جعلهم يعتمدون على الشرح من الأهل أو الدروس الخصوصية، مشيرة إلى أن المنظومة الجديدة وثقل المناهج وطول اليوم الدراسي.. جعلت الطالب يفقد القدرة على الفهم أو التحليل، وبات يعتمد على التلقين، وتحويل الامتحانات من نظام الاختيار المتعدد إلى الأسئلة المقالية، يدل على غياب الرؤية الواضحة لإدارة الملف التعليمي .
كثافات الفصول
وتساءلت فاطمة فتحي: كيف يمكن الحديث عما يسمى رؤية مصر 2030 للتعليم، بينما تتغير المناهج مع كل وزير؟ معتبرةً أن ما يجري ليس تعديلًا بل تغييرًا جذريًا متكررًا يفقد المنظومة الاستقرار، وأن وزير تعليم الانقلاب الحالي لا يستمع إلى مطالب أولياء الأمور ولا إلى مجالس الأمناء، وهو ما زاد من غضب الشارع التعليمي.
وكشفت أن القرارات الخاصة بتقليل الكثافات داخل الفصول نُفذت بشكلٍ عكسي، إذ جرى نقل طلابٍ بين مدارس بعيدةٍ عن مناطق سكنهم، ما اضطر الأسر إلى تحمل نفقات المواصلات اليومية، لافتة إلى أن غياب الأنشطة المدرسية يمثل جانبًا خطيرًا من الأزمة، إذ أُلغيت حصصها لسد العجز في المواد الأساسية، مما أفقد الطلاب متنفسهم وأدى إلى زيادة السلوك العدواني بينهم.
ولفتت فاطمة فتحي الي الأعباء الإدارية المفروضة على المعلمين، إذ أن الحصة لا تتجاوز 35 دقيقة، وهي مدةٌ لا تكفي للشرح أو متابعة التقييمات في فصولٍ تضم ما بين 45 و50 طالبًا، مما يجعل المدرسين غير قادرين على أداء عملهم بالكفاءة المطلوبة، موضحة أنه حتى مواد النشاط، مثل التربية الفنية، أصبحت تُدرَّس بشكلٍ نظري دون ممارسة فعلية بسبب ضيق الوقت.
وانتقدت القرارات الخاصة بزيادة أسعار المصروفات والكتب الدراسية، مؤكدةً أن بعض المدارس أجبرت أولياء الأمور على سداد المصروفات كاملة دفعةً واحدةً لإتمام استمارة الإعدادية، في وقتٍ تعاني فيه معظم الأسر من ضيقٍ مالي، .
وأشارت فاطمة فتحي إلى أن أسعار كتب اللغات تضاعفت، ما جعل الكثير من الأسر التي تضم أكثر من طفل في مدارس تجريبية غير قادرة على توفير المستلزمات الدراسية، موضحة أن الاضطراب طال كذلك مسألة الزي المدرسي، إذ فرضت بعض المدارس ألوانًا جديدة غير متوفرة في الأسواق وأجبرت الأسر على شرائها من المدرسة، مما زاد من الأعباء المالية على أولياء الأمور، في وقتٍ تعاني فيه البلاد من ارتفاع الأسعار وصعوبة المعيشة.
