أعلن رئيس هيئة قناة السويس وليد جمال الدين عن جذب استثمارات بقيمة 21.1 مليار دولار منذ 2015، وأكد مراقبون أن البيانات التي توضّح الاستفادة الفعلية من هذه الاستثمارات ناقصة، فضلا عن عدم تحويل كامل الأرباح إلى الموازنة العامة رغم اعتماد المنطقة الاقتصادية واسع على القروض المضمونة حكوميًا من البنوك المحلية.
و تُقدَّم المنطقة الاقتصادية لقناة السويس رسميًا باعتبارها نموذجًا ناجحًا لجذب الاستثمارات، لكن الأرقام تكشف عن واقع مختلف، فالاستثمارات الضخمة (21.1 مليار دولار) لا تنعكس بوضوح في القوائم المالية وبلغت القروض المضمونة حكوميًا، في سنوات أكثر من 30 مليار جنيه، بفوائد مرتفعة تصل إلى 22%.
وقال اقتصاديون: إن "الأرباح المحققة (14.1 مليار جنيه خلال 8 سنوات) لا يصل منها سوى نصفها إلى الموازنة العامة ولا علم أين نصفها الآخر، وهو أحد الأبواب الضخمة للسرقة والفساد؟".
ما حوّل من 14 مليار جنيه للموازنة العامة للدولة فقط 7.06 مليار خلال السنوات الثمانية، وفي 2022/2023 وصلت الأرباح إلى 1.9 مليار جنيه وحوّلت فقط 950 مليون فقط، ما اعتبره مراقبون إخلال بمبدأ وحدة الميزانية ويضعف الرقابة والشفافية.
قروض حكومية سنوية
فالمنطقة الاقتصادية واجهة استثمارية براقة، لكنها في الواقع تعتمد على الاقتراض والدعم الحكومي، مع ضعف الشفافية حول العوائد الفعلية التي يستفيد منها المواطن من خلال الموازنة العامة.
وقالت تقارير: إن "هيكل اقتصادية هيئة قناة السويس مالي هش، تمثل الديون 60% من الأصول قدمت له حكومة دعم مباشر بقيمة 4.72 مليار جنيه خلال أربع سنوات".
وتعتمد الهيئة الاقتصادية للقناة بشكل كبير على الاقتراض بضمان وزارة المالية فحصلت في 2022/2023: حصلت على 34.2 مليار جنيه (20% من إجمالي قروض الهيئات)، وحصلت على 33.2مليار جنيه في 2023/2024 (شكلت نحو 90% من استخداماتها الاستثمارية)، وفي 2024/2025 حصلت على 19.2 مليار جنيه (16.5% من إجمالي القروض)، كما تستهدف قروض جديدة ب 20 مليار جنيه في موازنة 2025/2026 رغم توصيات صندوق النقد بوقف توسع الاقتراض.
وقال مراقبون: إن "هذا النمط يعكس اعتمادًا مفرطًا على القروض المضمونة من وزارة المالية، وهو ما يشكل خطرًا على المالية العامة، خاصة أن وزارة المالية اضطرت في عام 2023/2024 إلى سداد 98.3 مليار جنيه نيابة عن بعض الهيئات الاقتصادية المتعثرة".
قروض طويلة الأجل
وبحسب منصة (@matsda2sh) ومن جانب ثان، حصلت الهيئة على قروض ضخمة (مثل قرض 30 مليار جنيه في أكتوبر 2025) بفوائد مرتفعة تصل إلى 22%، وكان القرض الجديد الذي حصلت عليه الهيئة 30 مليار جنيه من البنك التجاري الدولي، يشمل إعادة هيكلة قرض سابق بقيمة 10 مليارات، بالإضافة إلى تمويل جديد بقيمة 20 مليار، على فترة سداد تصل إلى 17 عامًا.
ورغم أن هذا الترتيب أوقف تحمّل الموازنة العامة فروق أسعار الفائدة، إلا أن الاقتراض بأسعار الكوريدور المرتفعة (حاليًا نحو 22%) يعني أن خدمة هذه القروض ستستنزف موارد الهيئة وإيراداتها، مع بقاء الحكومة مسؤولة عن السداد في حال التعثر.
تأسيس على الهشاشة
وتأسست المنطقة عام 2002 بمساحة 20 كم² مع إعفاءات ضريبية وجمركية وتوسعت عام 2015 إلى 461 كم² تشمل 3 مدن و6 موانئ ومنحها قانون الاستثمار في 2017 إعفاءات إضافية تصل إلى 50% من تكاليف الاستثمار وساعدت هذه الحوافز في جذب استثمارات معلنة بقيمة 8.5 مليار دولار.
المدن الثلاث الرئيسية التي توزعت عليه الهيئة (العين السخنة، والإسماعيلية، وبورسعيد) وستة موانئ استراتيجية (السخنة، الأدبية، شرق وغرب بورسعيد، العريش، الطور)، هذا التوسع لم يكن في المساحة فقط، بل شمل أيضًا مزيدًا من الامتيازات، مثل الإعفاء الكامل من الرسوم الجمركية وضريبة القيمة المضافة، واستقلالية مجلس الإدارة.
ثم جاء قانون الاستثمار الموحد عام 2017 ليضيف امتيازًا جديدًا، حيث صُنفت المنطقة تحت "القطاع أ"، ما يضمن إعفاءً يعادل 50% من تكاليف الاستثمار، هذه الحوافز، إلى جانب الموقع الاستراتيجي على أهم ممر ملاحي عالمي، ساعدت في جذب استثمارات معلنة بقيمة 8.5 مليار دولار خلال السنوات الأولى.
إلا أن بعد هذه القروض والأرباح فإن الاستثمارات المعلنة مقابل الفعلية يحوي كثير من الأرقام المعلنة وهي: مجرد اتفاقات أو مذكرات تفاهم وليست مشروعات منفذة.
وبين 2022/2023 ونوفمبر 2025 أعلنت عن جذب 11.6 مليار دولار، لكن لم ينعكس ذلك بوضوح في قوائمها المالية، كما نسبة كبيرة من أصولها (60%) عبارة عن ديون، بينما حقوق الملكية لا تتجاوز 44 مليار جنيه من أصل 108.7 مليار.
