متحوّر جديد أم إنفلونزا موسمية؟…الحكومة تنفي كالعادة ومخاوف المواطنين تتزايد

- ‎فيتقارير

فيروس خطير اجتاح الأجواء مؤخرا، أصيب به الصغار والكبار ، وبسببه تشهد غرف الطوارئ في المستشفيات زحامًا ملحوظًا، إضافة إلى أن الكثير من العائلات أصيب جميع أفرادها بأعراض متشابهة كحة مستمرة، وارتفاع في درجات الحرارة مصحوبة بإرهاق شديد وتكسير في عضلات الجسم، وتصل الأعراض إلى ضيق في التنفس، وفى بعض الأحيان يصاب البعض بمغص شديد وإسهال.

هذا المشهد أعاد للأذهان أجواء الأسابيع الأولى لانتشار فيروس كورونا؛ فشهادات المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي تتزايد حول «أدوار غريبة» من نزلات البرد تضرب البيوت دفعة واحدة .

وفي الوقت الذي تمارس فيه حكومة الانقلاب عادتها القديمة بالتصريحات الوردية وأن «كله تمام» ظهرت أحاديث عن وجود متحور جديد لفيروس كورونا مما أثار الرعب في نفوس المواطنين، ومع تكرار الشكاوى في محافظات عديدة، أصبح هناك اقتناع بأن ما يحدث يتجاوز فكرة «نزلة برد موسمية»، وأن هناك احتمالًا لظهور متحور جديد يشبه بدايات كورونا .

كانت وزارة صحة الانقلاب قد نفت وجود أي متحور جديد، زاعمة أن الأعراض المنتشرة تدخل ضمن إطار الفيروسات الشتوية المعتادة، إلا أن هذا النفي لم ينجح في تهدئة مخاوف المواطنين، الذين يشاهدون بأنفسهم تزايد الضغط على أقسام الطوارئ وتطور حدة الأعراض بشكل لافت.

 

تعليم القاهرة

 

في المقابل اعترفت مديرية التربية والتعليم بمحافظة القاهرة بوجود فيروس، وأصدرت تعليمات للإدارات التعليمية، بوضع خطط استباقية للوقاية من الأمراض والفيروسات المتوقعة ومنها فيروس ماربورج، المسبب لارتفاع درجة الحرارة، والرعشة، والتهاب العينين والأذن، والالتهاب الرئوي أو الشعبي، حفاظًا على الصحة العامة للطلاب بجميع المراحل التعليمية.

وطالبت المديرية جميع المدارس التابعة لها بالالتزام بالتعليمات والإجراءات التالية: اتباع الإجراءات الوقائية والاحترازية لمواجهة الأمراض المعدية – مراعاة الكثافة العامة للمدارس والتهوية الجيدة للفصول الدراسية – التأكد من نظافة دورات المياه واستخدام المطهرات وتوفير الصابون – عقد ندوات للتثقيف الصحي لرفع الوعي الصحي لدى الطلاب، والتركيز على السلوك الصحي والنظافة الشخصية ومعرفة الطلاب لطرق العدوى وكيفية الوقاية منها – وجود صندوق الإسعافات الأولية بالأدوار والعيادة، ويشمل الأجهزة والمعدات المستعملة أثناء الجائحات جهاز قياس الحرارة، وسماعة طبية، وجهاز الضغط وخافض لسان، وقفازات، وكمامات ومنظفات ومطهرات .

 

الإنفلونزا الموسمية

 

في هذا السياق أكد استشاري الأمراض الصدرية الدكتور محمود عبد المجيد أن الموجة الحالية من الأعراض المنتشرة بين الأطفال والكبار مثل الكحة المستمرة، النهجان، ارتفاع الحرارة، والإرهاق العام لا تعني بالضرورة ظهور فيروس جديد أو متحور خطير، بل تأتي ضمن النشاط الطبيعي للفيروسات التنفسية في هذا الوقت من العام، مشيرًا إلى أن ما نراه داخل العيادات وأقسام الطوارئ يوضح انتشارًا واسعًا للإنفلونزا الموسمية وأنواع أخرى من الفيروسات الشائعة، التي قد تشهد تحورات بسيطة لا تشكل خطرًا استثنائيًا.

وأوضح عبد المجيد في تصريحات صحفية أن التشخيص لا يمكن أن يعتمد على الأعراض فقط، لأن معظم الفيروسات التنفسية تتشابه في علاماتها، سواء كانت إنفلونزا، RSV، أو نزلات برد عادية، ولهذا يحتاج بعض المرضى إلى تقييم طبي، إذا كانت الأعراض شديدة أو أطول من المعتاد.

وشدد على أن المضاعفات الخطيرة التي صاحبت بدايات كورونا كالالتهاب الرئوي الحاد أو الانخفاض الشديد في الأكسجين غير موجودة الآن، مؤكدا أن أغلب الحالات تتعافى خلال أيام حتى لو بدأت الأعراض بعنف، بشرط الالتزام بالعلاج والراحة في حين قد يستمر السعال لدى الأطفال لفترة أطول، بسبب حساسية مجرى الهواء، لكن ذلك لا يعد مؤشرًا للخطر طالما ظلت حالتهم العامة مستقرة.

وبخصوص العلاج، قال عبد المجيد : البروتوكول المعتمَد يعتمد على الراحة، الإكثار من السوائل الدافئة، التغذية المناسبة، خافضات الحرارة، مع اختيار أدوية السعال وفق نوعه، مشددا على أن المضادات الحيوية لا تستخدم إلا عند وجود دلائل واضحة على عدوى بكتيرية، مثل استمرار الحرارة لفترات طويلة أو ظهور مؤشرات في الأشعة والتحاليل.

وطالب المواطنين بضرورة استشارة الطبيب فور ظهور علامات مقلقة، مثل صعوبة التنفس، خمول شديد لدى الأطفال، حرارة لا تستجيب للأدوية، أو استمرار الأعراض لأكثر من المعتاد.

 

الفيروس المخلوي

 

وقال استشاري الأطفال وحديثي الولادة الدكتور وجدي جرجس، إن الأدوار المنتشرة حاليًا لا تختلف عن موجات الفيروسات الموسمية التي تظهر في هذا التوقيت كل عام ، خاصة خلال شهري نوفمبر وديسمبر قبل دخول الشتاء، مشددا على أن هذه الأعراض شاهدناها لسنوات طويلة قبل ظهور جائحة كورونا لكن الناس أصبحت أكثر حساسية وقلقًا بعد الوباء، ما يجعل أي موجة برد تفسر فورًا على أنها متحور جديد.

وكشف جرجس في تصريحات صحفية أن أكثر الفيروسات انتشارًا بين الأطفال حاليًا هو الفيروس المخلوي التنفسي (RSV)، وهو يسبب كحة شديدة ورشحًا وارتفاعًا في الحرارة وصعوبة في التنفس، وتستمر أعراضه من 5 إلى 10 أيام، مؤكدا انتشار فيروس الروتا المسبب للنزلات المعوية، بالإضافة إلى مرض اليد والقدم والفم الذي يظهر على هيئة قرح بالفم وحبوب في اليدين والقدمين، فضلًا عن موجات الأنفلونزا والبرد المعتادة.

 

مراجعة الطبيب

 

وأكد أن الحديث المتداول عن ظهور سلالة جديدة من متحور كورونا لا يستند إلى أي دلائل طبية حتى الآن، معترفا بزيادة انتشار الفيروسات هذا الموسم، لأن الحضانات والمدارس تمثل بيئة خصبة لانتقال العدوى، خاصة مع ذهاب الأطفال المرضى بسبب ضغوط الامتحانات والتقييمات، مما يرفع معدلات الإصابة بشكل ملحوظ.

وشدد جرجس على ضرورة مراجعة الطبيب إذا استمرت الأعراض أكثر من أسبوع، أو إذا كان الطفل يعاني من حساسية صدر أو أنف، أو إذا ظهرت أعراض شديدة مثل القيء والإسهال مع الحرارة والكحة.