كتب أحمدي البنهاوي:
قالت "منظمة العفو الدولية"، في تقريرها السنوي عن حال حقوق الإنسان في العالم لعام (2017/2016)، إن السلطات الإماراتية فرضت قيودا تعسفية على الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات، وقبضت على عدد من منتقدي الحكومة ومعارضيها وعلى مواطنين أجانب، وقدمتهم للمحاكمة بموجب قوانين التشهير الجنائي ومكافحة الإرهاب.
وأكدت المنظمة أن الإمارات مستمرة في شيوع حوادث الاختفاء القسري والمحاكمات الجائرة، وتعرض المحتجزين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة.
عنجهية ومحاكمات جائرة
وألمح تقرير العفو الدولية إلى أن الإمارات وافقت في أغسطس الماضي، على نقل 15 من المعتقلين في المعتقل الأمريكي في خليج غوانتنامو إلى سجونها، فيما لم ترد الحكومة على طلبات لزيارة الإمارات تقدم بها مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالتعذيب وغيره من خبراء حقوق الإنسان بالأمم المتحدة.
وكشف المنظمة عن أن السلطات الإماراتية شددت من القانون المتعلق بتبادل المعلومات إلكترونيا، وفرضت قيودا على أشكال التعبير وتكوين الجمعيات عبر الإنترنت، وسنت قانونا يحظر استخدام الشبكات الافتراضية الشخصية.
كما قبضت السلطات على عدد من المنتقدين السلميين وغيرهم، وبينهم مواطنون أجانب، وقدمتهم للمحاكمة بموجب المواد المتعلقة بالتشهير الجنائي في قانون العقوبات، وقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات الصادر عام 2012، وقانون مكافحة الإرهاب الصادر عام 2014، وذلك في محاكمات جائرة أمام دائرة أمن الدولة بالمحكمة الاتحادية العليا، ولا تفي الإجراءات المتبعة في دائرة أمن الدولة بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.
"الإخوان" تعامل خاص
وقالت المنظمة إن عشرات الأشخاص حوكموا، وبينهم مواطنون أجانب، أمام دائرة أمن الدولة، وكثيرا ما كان ذلك بناء على تهم صيغت بعبارات مبهمة تتعلق بأمن الدولة، وحرمت دائرة أمن الدولة المتهمين من الحق في تقديم دفاع فعال، وقبلت أدلة انتزعت تحت وطأة التعذيب لإدانة المتهمين.
وفي يونيو، أصدرت دائرة أمن الدولة حكما بالسجن لمدة 3 سنوات على المواطن المصري، مصعب أحمد عبدالعزيز رمضان، لاتهامه بإدارة جماعة دولية في الإمارات مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين في مصر.
وكان مصعب أحمد عبدالعزيز رمضان قد تعرض للاختفاء القسري على أيدي السلطات لعدة أشهر قبل محاكمته، وقد ادعى أن ضباط الأمن أجبروه خلال هذه الفترة على الاعتراف تحت وطأة التعذيب.
أما تيسير النجار، وهو صحفي أردني قبض عليه في ديسمبر 2015، ولا يزال محتجزا في نهاية العام في انتظار محاكمته أمام دائرة أمن الدولة، على ما يبدو بسبب تعليقات له على موقع فيس بوك انتقد فيها الإمارات، إضافة إلى ما زعم عن صلته بجماعة الإخوان المسلمين المصرية التي تصنفها السلطات محظورة، وفي أكتوبر أبلغ تيسير النجار زوجته أن بصره قد تدهور أثناء احتجازه.
مراقبو المحتوى
وذكرت العفو الدولية أن برنامج التجسس الإلكتروني الدقيق الذي استخدم في هذه عمليات التجسس على تيسير وآخرين، منهم مواطنين، تبيعه «مجموعة إن إس أو»، وهي شركة أمريكية مقرها في إسرائيل، وقد ادعت أنها لا تبيع منتجاتها إلا للحكومات.
وتابع التقرير أن عشرات المعتقلين، وبينهم أجانب، تعرضوا للاختفاء القسري على أيدي السلطات، حيث احتجزتهم طيلة شهور سرا دون الإقرار باحتجازهم، لاستجوابهم، وذكر كثيرون من هؤلاء الأشخاص، لدى الإفراج عنهم، أنهم تعرضوا للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة أثناء احتجازهم.
معتقلون وعمال
وتحدثت العفو الدولية في تقريرها عن استمرار تعرض المعتقلين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، ولاسيما من تعرضوا للاختفاء القسري، موضحة أنه أمر شائع يمارس بمنأى عن العقاب والمساءلة، ولم تقم الحكومة ولا دائرة أمن الدولة بإجراء تحقيقات مستقلة في ادعاءات المعتقلين بتعرضهم للتعذيب.
وتابعت أن العمال الأجانب، الذين يشكلون نحو 90% من قوة العمل في القطاع الخاص، يعانون من الاستغلال والإيذاء، كما ظلوا مربوطين بأصحاب الأعمال بموجب نظام الكفالة، ومحرومين من حقوق التفاوض الجماعي. واستمر حظر النقابات العمالية، وكان العمال الأجانب الذين يشاركون في إضرابات يواجهون الترحيل والمنع من العودة للإمارات لمدة سنة.
وفي يناير الماضي، بدأ سريان قرارات وزارة العمل أرقام 764 و765 و767 لعام 2015، والتي قالت الحكومة إن من شأنها معالجة بعض الانتهاكات التي يتعرض لها العمال الأجانب، بما في ذلك مسألة استبدال العقود القائمة منذ أمد بعيد، حيث يجد العامل الأجنبي لدى وصوله إلى الإمارات أن صاحب العمل يطالبه بالتوقيع على عقد جديد بأجر منخفض.
ولا تنطبق هذه القرارات على عمال المنازل، ومعظمهم نساء من آسيا وأفريقيا، حيث ظل هؤلاء العمال مستبعدين صراحة من أوجه الحماية التي يكفلها قانون العمل، ومعرضين بصفة خاصة للاستغلال ولانتهاكات جسيمة، بما في ذلك العمل القسري والاتجار في البشر.
نسخة من التقرير عبر هذا الرابط
https://www.amnesty.org/ar/latest/research/2017/02/amnesty-international-annual-report-201617/