اختفوا في 2018.. ممثلون وإعلاميون تمرّدوا على مرسي فقطع السيسي أرزاقهم!

- ‎فيتقارير

لم يكن الإعلامي الموالي لنظام العسكر جابر القرموطي هو الحالة الوحيدة التي قطع جنرال الانقلاب عبد الفتاح السيسي رزقه، بطرده من قناة “أون تي في” المملوكة لجهاز المخابرات العامة، ثم قناة النهار التابعة أيضًا للأجهزة الأمنية، بل إن معظم المذيعين الذي تمرّدوا على الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي واستخدمهم العسكر لتحريض جماهير للتمرد على المسار الديمقراطي، تعامل معهم العسكر كمناديل “كلينكيس”، مسح بهم قذارته ثم رمى بهم في صناديق القمامة غير مأسوف عليهم.

وكان “القرموطي” قد ضجّ بالشكوى مؤخرا، مؤكدا أنه لا يستطيع العمل الآن في أي قناة تليفزيونية، وذلك بعد رحيله عن قناة «النهار». وأضاف في تصريحات لبرنامج «بتوقيت مصر»، الذي يعرض على فضائية «BBC»، «كل فرص العمل بالشاشة أغلقت أمامي، وتقدمت لأكثر من قناة للعمل بها خلال الفترة الماضية، ولم يحالفني الحظ»، مشيرًا إلى أنه لا يعرف سبب ذلك. واعترف القرموطي أنه تم طرده من جانب الإدارة الجديدة لقناة “أون تي في” وذلك بعد سيطرة شركة “إيجل كابيتال” على الشبكة.

المخابرات تحتكر سوق الإعلام

اختفى خيري رمضان، ويوسف الحسيني، وأماني الخياط، وعماد الدين أديب”، ومعتز عبد الفتاح، وغيرهم، من الشاشات التي طالما روجوا من خلالها الافتراءات والأكاذيب تقربا لنظام الانقلاب؛ فكل هؤلاء لم يعد لهم مكان على خريطة الإعلام التي رسمت ملامحها شركة “إيجل كابيتال” التي سيطرت على سوق الإعلام الخاص في مصر.

فمنذ أن استحوذت شركة “إيجل كابيتال” برئاسة وزيرة الاستثمار السابقة داليا خورشيد، في نهاية عام 2017، على حصة رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة، في شركة “إعلام المصريين”، وكذلك فرض سيطرتها بعد ذلك على شبكتي “الحياة” و”سي بي سي”، وامتلاكها لشبكة أون، اختلفت خريطة الإعلام بشكل كبير. وخلال العام 2018 بدت ملامح التغيرات التي فرضتها “إيجل كابتال” على السوق الإعلامية، إذ صاحب ذلك غياب كبار الإعلاميين من على شاشات الفضائيات، فضلا عن إغلاق منافذ إعلامية مثل “العاصمة” وقنوات ” ON LIVE”، و”DMC SPORT”.

و«إيجل كابيتال للاستثمارات المالية ش.م.م» التي ترأسها داليا خورشيد، وزيرة الاستثمار السابقة، هي صندوق استثمار مباشر private equity fund مملوك لجهاز المخابرات العامة المصرية، جرى تأسيسه ليتولى إدارة جميع الاستثمارات المدنية للجهازportfolio management في عدد كبير من الشركات المملوكة للمخابرات جزئيًا أو كليًا». وهي شركة قابضة تملك بدورها، إلى جانب شبكة «أون تي في»، ستة من الصحف والمواقع الإخبارية، أكبرها موقع وجريدة «اليوم السابع»، بالإضافة إلى شركتين للإنتاج الدرامي والسينمائي، وسبعة من شركات الخدمات الإعلامية والإعلانية، وشركة للأمن والحراسة، بحسب موقع المجموعة.

فنانون يضجون بالشكوى

الشكوى امتدت من الإعلام إلى الفن والتمثيل وسوق الدراما، حيث هاجم الممثل محمد صبحي المؤيد لرئيس الانقلاب، سلطات النظام وأجهزته الأمنية على خلفية سيطرتها على المنظومة الإعلامية للدولة وصناعة الدراما والفن في البلاد. واتهم في مقابلة مع “المصري اليوم”، في 11 يناير 2019م، النظام بالسيطرة على الإعلام والفن، رافضا في الوقت نفسه فكرة المنع والمصادرة التي يتخذها النظام كأسلوب في التعامل مع الأعمال الفنية، منتقدا تقليص أعداد مسلسلات رمضان 2019، ووضعها بيد منتج بعينه، مؤكدا أن تلك ممارسات خاطئة.  وتساءل: “من له الحق في تحديد عدد المسلسلات وعدم تجاوزها حاجز الـ15 عملا، أنا ضد ذلك تماما”، مؤكدا أن “فكرة المنع والمصادرة مرفوضة”. كما انتقد الممثل الذي اشتهر بأدوار  “ونيس وسنبل”  شراء الدولة للفضائيات قائلا: “أن تقوم الدولة بوضع يدها على القنوات كلها هو نوع من أنواع الاحتكار غير المرغوب”.

وكانت الممثلة غادة عبد الرازق قد شكت لجمهورها بعد منعها من العمل؛ حيث كشفت عن تعرُّضها لـ«حرب شرسة» من قبل مؤسسة إنتاج فني معروفة تابعة لجهاز المخابرات، بهدف منعها من المشاركة في أي عمل درامي خلال الفترة المقبلة. وكتبت غادة رسالة استغاثة عبر حسابها على موقع إنستجرام وقالت فيها: «يا جمهور أنا بتحارب من مجموعة اسمها (الإعلام للمصريين) مش عايزيني أشتغل السنة دي في الدراما، مش أنا بس ناس كتير جدا فنانين وبيقولوا هنقعدكم في البيت ولو عاجبكم». وأضافت: «ولو سألتهم بتتكلموا باسم مين يقولك باسم الجيش أو المخابرات، هل ده صحيح؟ مجرد سؤال علشان الوسط الفني كله بيسأل معايا ده حقيقة ولا كذبة، أرجو الرد عني وعن زملائي وشكرا».

كما رفضت الرقابة على المصنفات الفنية سيناريو مسلسل عادل إمام، الذي تدور أحداثه حول حول طبيب نفسي يلعب دوره عادل إمام، والذي يعمل بالقصر الرئاسي، ويستعين به رئيس الجمهورية للإشراف على حالته الصحية والنفسية، حيث يظهر الرئيس بشخصية مهتزة غير متوازنة ويحتاج إلى علاج نفسي؛ وجاء رفض الرقابة باعتبار المسلسل مسًّا بشخصية زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي.

وكانت المخرجة كاملة أبو ذكرى قد أثارت نقاشا مماثلا في أكتوبر الماضي، حينما كتبت على صفحتها على فيسبوك معترضة على ما يحدث في سوق الدراما المصرية هذا العام، موضحة أن هناك ما يقرب من ثلاثمائة فرد يعملون في المسلسل، وليس النجوم والمخرج والمؤلف فقط. مضيفة أن “المسلسلات المصرية صناعة كبيرة.. أكتر من ٢ مليون بني آدم بيأكلوا عيش منها.. السنة دي الناس دي كلها حتقعد في البيت.. تم إيقاف أغلب المسلسلات والحقيقه ماعنديش معلومة أكيدة إيه السبب.. اللي عارفاه إن الناس دي كلها مش حتلاقي تأكل والأسعار زادت ودخلهم توقف.. لو حد فاهم ليه بيحصل كده يا ريت يفهمونا ويقولولنا إيه البديل علشان نعيش بعد ما السينما كمان قفلت أبوابها والأسعار زادت بجنون؟”.

وكتب المنتج عمرو قورة معلقًا على توقف صناعة الدراما في مصر: “لو متابع بوستات العاملين في مجال الإعلام وصناعة المحتوى، ستجد كمّا غير طبيعي من الأدعية والآيات والابتهالات والحسبنة… الجميع في البيت في انتظار معجزة إلهية.. باقٍ 174 يومًا على رمضان… كل عام وأنتم بخير”. وكتبت مخرجة الأفلام التسجيلية عزة سلطان: “أنا مش بشتغل في الدراما، لكن بشتغل في الميديا، وشايفة إننا واحد ورا التاني بنقعد في بيوتنا بلا أفق ولا مجالات أخرى ممكن نستبدل أشغالنا بها”.

السينما تعاني

وامتدت الأزمة إلى صناعة السينما، حيث تم وقف تصوير فيلم “3 شهور” الذي كان مقررا أن يقوم ببطولته أحمد السقا ومنى زكي وخالد الصاوي، حيث اتصل المخرج محمد سامي بالمنتج إبراهيم إسحاق، مالك شركة “ريماس”، فلم يرد على الهاتف، ما دفعه وفريق العمل إلى وقف المشاهد التي كان مقررا تصويرها في أمريكا والعودة إلى مصر، فلم يعثروا على المنتج!.

الأكثر إثارةً للدهشة ما حدث لفيلم “الجبابرة” الذي يقوم ببطولته مجموعة من النجوم الشباب مثل عمر مصطفى متولى، وهَنا الزاهد، ومحمد علي رزق، وآخرين. فقد توقف استكمال الفيلم بعد تصوير دامَ أكثر من 6 أشهر، وتبقت أيام قليلة تفصل العمل عن الاكتمال ولا يعلم الممثلون مصير الفيلم إلى الآن.

وتسببت المشاكل الإنتاجية في حرمان أحمد حلمي من المشاركة في ماراثون عيد الأضحى الماضي (صيف 2018). فقد أدت المشكلات الإنتاجية إلى توقف فيلمه الجديد «الجان اتهان» بعد فترة من التحضيرات. واضطر حلمي إلى البحث عن سيناريو جديد. ويكافح كذلك صناع فيلم «عيش حياتك» للفنان سامح حسين حتى يكتمل الفيلم، بعد توقُّفٍ فترة طويلة بسبب الظروف الإنتاجية الصعبة.

هناك حالة انسحاب كبرى من مجال الإنتاج السينمائي، حسبما تقول الناقدة علا الشافعي؛ فـ”الشركة العربية” توقفت عن الإنتاج، و”الماسة” تنتج على فترات متباعدة، وأصبح المنتجون المنتظمون في الإنتاج السينمائي يُعَدّون على أصابع اليد الواحدة، وفقا لتعبيرها. إذ يبدو أن موجة الهروب الكبير من السينما المصرية انضم لها حتى كبار المنتجين.