مقموعون في بلادهم مقتولون في المهجر.. أين يذهب العرب؟

- ‎فيتقارير

بعيد ذكرى مجزرة الحرم الإبراهيمي، تعاد مجزرة المسجد الكيبكي في نيوزيلندا، تسلسل تصاعدي للأحداث بنفس الوحشية الإرهابية، والأساليب ذاتها المشحونة بحقد الكراهية والتضليل الأعمى، يروي شهود عيان مشاهد قاسية عاشوها بعد الهجوم الذي استهدف مسجدين في مدينة كرايست تشيرش النيوزيلندية، والذي راح ضحيته مالا يقل عن 49 شخصاً وأصيب العشرات بجروح خطيرة خلال صلاة الجمعة، وقالت رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن إن الهجوم إرهابي، وعنفا استثنائيا غير مسبوق.

ويفتح الهجوم ملف المسلمين المهاجرين في الدول الغربية، واهم الأسباب والمسببات التي أدت إلى هجرتهم من بلدانهم، والصعوبات التي يوجهونها والصراع الذي يتمثل بمواجهة خطر العنصرية،

من جانبه يقول الدكتور محمد الصغير، وكيل اللجنة الدينية بالبرلمان، ومستشار وزير الأوقاف السابق :” اجتمع المجرمون على إراقة دماء المسلمين في غزة على يد المتصهينين وفي السجون وعلى أعواد المشانق بيد الطغاة المتجبرين ومن خرج من بطشهم إلى بلاد “حقوق الإنسان”لم يسلم من رصاص المتطرفين وإرهاب العنصريين”.

بينما يقول الكاتب الصحفي وائل قنديل، مستشار تحرير جريدة العربي الجديد، ومدير التحرير السابق لجريدة الشروق المصرية :”فصيح جدًا وأنت تردد دومًا”الإرهابيون المتأسلمون”.هل تجرؤ بالفصاحة نفسها أن تقول”الإرهابيون المتأمسحون”ومجرم نيوزيلاند يعلن دوافعه العقدية بمنتهى الصراحة والوضوح؟”.

ولا شك ان كثرة استيطان المسلمين في الغرب يعزى إلى أسباب أهمها سياسية بحته، ثم تتدرج إلى مراحل أخرى كالاقتصادية والاجتماعية، ولكن الأحداث التي أحيطت بدول المسلمين كالاضطرابات والاضطهادات، التي تواجهها الشعوب سواء العربية أو المسلمة من الحكام الديكتاتوريين خصوصا بعد الربيع العربي، أدت إلى الهجرة الواسعة.

كيل بمكيالين

الغرب بشكل عام بات يدعم الديكتاتورية الغربية، ومثال على ذلك جنرال إسرائيل السفيه السيسي، ومن خلال الدخول في ميثاق الأمم المتحدة وحقوق الإنسان، الذي يتيح ويعطي الحرية للفرد من دون أي تفرقة عنصرية أو فئوية، يتضح أن هناك كيل بمكيالين، فالدول العظمى تدعم وتقوي وتسلح انقلابات تمت في دول عربية وإسلامية، وتخلق شخصيات دكتاتورية في المنطقة همهم الوحيد هو الحكم والسيطرة والبقاء في السلطة أطول فترة ممكنة.

كل تلك الضغوطات على شعوب المنطقة أدت إلى اندلاع اضطرابات ومواجهات بين تلك الشعوب وبين الحكام، وبما ان أولئك الحكام لهم القوة والسيطرة على مقدرات البلدان التي يحكمونها فلم تجد تلك الفئات الا سبيل الهجرة والهروب من بلدانهم التي اصبحت مقابر لمن بقى منهم، ومن هنا تحقق للغرب نظرية مفادها ان اي حركة ثورية وشعبية تحمل الروح الوطنية التي ترفض الظلم والاضطهاد سوف تتلاشى وتذوب في المجتمعات الغربية التي تواجدت فيها لأجل حياة حرة كريمة.

من جهتها تقول الصحفية المصرية المقيمة في نيوزيلندا أسماء شكر ، إن “المسلمين في نيوزيلندا يعيشون الآن في حالة ذهول وصدمة، بعد مذبحة كرايتس تشيرش”، وأضافت أن”المسلمين يمارسون حياتهم وعبادتهم بسلام وتعايش في نيوزيلندا، ولا يستوعبون حتى الآن ما حدث من مذبحة”، مؤكدة أن “كل الشواهد تدل على أنه هجوم مخطط له ومنفذه ليس مريضا نفسيا؛ فهو يستخدم السلاح بشكل احترافي، والهجوم على المسجدين وقع في توقيت متزامن”.

وتابعت: “المسلمون في هذا البلد لا يصدقون بعد ما جرى، وغير مستوعبين حتى الآن ما حدث؛ فنيوزيلاندا بلد هادئ، والمسلمون هناك يمارسون حياتهم وعباداتهم بسلام وتعايش”، مشيرة إلى أنها “تخرج يوميا إلى الجامعة وتستقل وسائل المواصلات العامة ولا تواجه أي مشكلة على الإطلاق، رغم أنها ترتدي الحجاب، خلاف ما يتعرض له كثير من المسلمين في أوروبا والولايات المتحدة من هجمات عنصرية”.

عنصرية الغرب!

اندفعت أعداد كبيرة من العرب والمسلمين للهجرة إلى أوروبا، واحة الإنسانية وحقوق الإنسان طلباً للأمان، وبعيداً عن التوترات والصراعات التي تشعلها أوروبا نفسها أو تساعد على إشعالها في بلادهم، خصوصاً بعد أحداث الربيع العربي منذ 2011 التي بدأت في تونس، وعصفت بمصر وسوريا واليمن وليبيا واليوم بالسودان والجزائر، وأدت إلى هجرة الكثير من العرب بسبب سياسات القمع، التي تواجههم بعد تصدر ديكتاتوريين مثل السفاح بشار الأسد والسفيه السيسي والمرتزق خليفة حفتر، وهؤلاء وغيرهم مدعومين من قبل الدول الغربية.

وحسب التخطيط لإيجاد أسباب لسيطرة الغرب على المنطقة العربية، تم استحداث سيناريو 11 سبتمبر لخلق شيء مرعب؛ في محاولة غربية لنقل المعركة الحقيقية والصراع المستمر إلى أعماق الدول الإسلامية؛ بدءاً بالعراق التي كانت الدولة المخطط لها لإدخال شبح الإرهاب إليها؛ والتخلص من شخصية صدام، الذي يمتلك الأدلة والبراهين بدعم الغرب له، فكان حرياً بالعالم الغربي أن يتخلص منه بأسرع وقت ممكن.

وانضم إلى العراق سوريا التي يدعم الغرب فيها الديكتاتور بشار الاسد، فبدأت مرحلة أخرى من الهجرة والنزوح إلى البلدان الغربية، بحثاً عن وضع آمن واستقرار نفسي، في الوقت نفسه كانت هناك الأحداث المتسارعة من أحداث الربيع العربي، التي حدثت في دول المغرب العربي ومصر وسوريا.

وانضم إلى تلك الدول كل من لبنان وفلسطين؛ فكانت هجرة بسبب الضغوط الخارجية والحروب مع كيان العدو الصهيوني، أما في اليمن فالاضطرار والهروب من شبح الحرب السعودية الإماراتية على اليمن، وإحلال الدمار والقتل والتشريد بأهلها، دفع الكثير من أهل اليمن إيجاد ملاذ امن لهم هربا من بطش الحرب.

أما الهجرة من إفريقيا، فكانت جلها بسبب الصراعات القبلية التي تشهدها الصومال والسودان، بالإضافة إلى الفقر والجوع والحرمان، أما نيجيريا فرغم الجوع والحرمان والفقر الذي يشهده الشعب النيجيري، هناك اضطهاد ودكتاتورية ، كل تلك الوقائع في هذه الدول أدت إلى هجرة المجاميع الكبيرة إلى الغرب.

جميع الشرائع السماوية جاءت من اجل السلام والتسامح والمحبة والإخاء، وعندما تتحرك بوصلة الإعلام العالمي لتوجيه كل تلك الأعمال الإرهابية في العالم وتحصرها في زاوية الدين الإسلامي، إنما ذلك من سياسات مخطط لها أريد منها النيل من الإسلام، فالإسلام بريء من كل تلك الأعمال الإرهابية والإجرامية، التي تقع في العالم وبحصاد سريع على استهداف الإرهاب، نجده أكثر استهدافا للمسلمين سواء في بلادهم أو في الخارج.