رسالة من المعتقل: جميعنا ثابتون صامدون.. فماذا عنكم؟

- ‎فيأخبار

 كتب: سيد توكل
يقضي المعتقل يومه في سجون السفيه عبدالفتاح السيسي بصعوبة شديدة، سواء من حرارة الجو، أو من إيذاء السجّان له، أو حتى مجرد وجوده بين أربعة جدران دون ذنب أو جريرة سوى أنه أراد الحرية للذين يؤيدون سجنه، ويزداد ضحايا الإهمال الطبي في سجون الانقلاب، ويشكو أهالي المعتقلين من وحشية المعاملة لهم ولذويهم، بمنعهم من الزيارة، أو التضييق عليهم أثناء الزيارة، أو منع المعتقلين من التريض، وتعذيبهم، ووضعهم في حجرات غير مؤهلة للحياة الآدمية، وحرمانهم من الطعام والدواء.

يقول الكاتب والمحلل السياسي "عبدالرحمن وجدي": "زاد يقيني أن الله يختارهم كما يختار الشهداء، فأي صبر وأي رضا بقضاء الله الذي يملأ صدورهم ويعينهم على تقبُّل هذا الوضع الصعب!.

وتابع: "إن تحمل أكثر من عشرين ساعة داخل الزنزانة وذلك في أحسن الفترات المسموح فيها بممارسة الرياضة والخروج من الزنازين، هو قمة الثبات لهؤلاء الأبطال، وحسن الظن بالله، وبأن ما عند الله خير وأبقى، فعندما تلقاهم يبثون فيك الأمل والرضا والصبر والرجولة، يعرفون قضيتهم حق المعرفة، ويوقنون بنصر الله تمام اليقين، مُدركون طبيعة الصراع وأهمية المرحلة الحالية في الصراع بين الحق والباطل".

مضيفا: "إن أقلّهم تضرّرًا هو من فقد وظيفته، أو من توقف مصدر رزقه، فهناك من صودرت جميع ممتلكاته، وتجمدت أرصدته، وتأممّت شركاته، لكن الجميع هناك متساوون في الصبر والرضا".

وتزايدت حدّة الانتهاكات لحقوق الإنسان من قبل وزارة الداخلية في حكومة الانقلاب منذ 3 يوليو 2013، بعد أن نفّذ وزير الدفاع حينذاك عبدالفتاح السيسي انقلابا على الرئيس المنتخب "محمد مرسي"، وملاحقة مؤيديه.

الاعتقالات لم تتوقّف من المظاهرات أو من المنازل، ولكن شملت عمليات تنكيل تجاه المعتقلين السياسيين، من منع التريُّض والإهمال الطبي والتعذيب والقتل داخل أماكن الاحتجاز، ومنع الزيارة، ودخول الأدوية والمستلزمات الشخصية والملابس للمعتقلين.

وللتغلُّب على الانتقادات التي تُوجَّه لجنرالات الانقلاب في المحافل الدولية، لعب السيسي على ورقة مواجهة الإرهاب ووجود تحدّيات كبيرة تُواجه أجهزة الأمن المصرية.

المُعتقلون علمُونا الصمود

يقول الكاتب والمحلل السياسي "عبدالرحمن وجدي": "ليس المطلوب منك أن تتعلم منهم الصمود، بل المطلوب هو أن تتحرك وتبذل قصارى جهدك لتحرير المعتقلين، هو ألا تترك سبيلًا إلى هذا الهدف إلا وتسلكه، فعل المعتقلون ما بوسعهم ونشكر جهدهم، لكن هل أديت أنت دورك؟ هل استنفدت جهدك؟".

مضيفا "إن تحرير المعتقلين مسئوليتنا جميعًا، ولا يحق لنا التفكير في أي شيء من أمور حياتنا الخاصة والعامة بمعزلٍ عن هذه القضية، فليس الوقت الآن وقت الشعارات بل وقت البذل، وقت التنفيذ، فلقد جلس الجميع سنواتٍ يدرسون الإسلام بشكل نظري، ويسمعون القصَص والنوادر، وحكايات السيرة، وها قد جاء وقت التنفيذ".

وتابع: "إن الطبيب الماهر هو الذي يعرف كيف يسيطر على سير العمل في غرفة العمليات، وليس من يحفظ الآثار الجانبية المكتوبة على علبة الدواء، إن الطبيب إذا استمر في دراسة الطب عشرين سنة بدلًا من ست سنوات لن تتمكن من الحُكم عليه إلا عندما ينزل إلى ميدان العمل، هذا لا يعني عدم أهمية الجانب النظري، بل هو مجرد أساس لأشياء كثيرة ومهمة تأتي بعد ذلك، فلا يمكن أن تسكن بيتك بعد بنيان القواعد فقط".

إهمال طبي

وفي مايو الماضي، أصدر مركز "النديم" لمناهضة العنف والتعذيب، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، تقريرا تحت عنوان: "يا تعالجوهم يا تفرجوا عنهم: الإهمال الطبي في السجون جريمة".

التقرير تطرَّق إلى أوضاع السجون والإهمال الطبي الذي يُواجه المعتقلين، وسوء الخدمات المقدمة، والنقص الحَادّ في الكثير من الأدوية وخاصة للأمراض المزمنة، فضلاً عن النقص في إمكانيات مستشفيات وعيادات السجون.

وعرض لشهادات عدد من المعتقلين في الفترة بين 2014 إلى 2017، وسط تأكيدات بصعوبة ملاحقة مرتكبي جريمة الإهمال الطبي قانونيا، إذ أنه غير مسموح للسجين ولا لمحاميه بالاطلاع على ملفه الطبي، إضافة إلى صعوبة إثبات أسباب الوفاة أو تعرُّض السجين لأي انتهاك.