دخلت قوات من الحوثيين محافظة الجوف اليمنية بعد انسحاب قوات الشرعية التزاما بأوامر تلقتها من محيطها على إثر معارك عنيفة استمرت منذ أيام اندلعت بعد ما شنَّ الحوثيون هجوما كبيرا على جبهات القتال في الجوف تسبب بموجة نزوح كبيرة من المحافظة.
ما هي ملابسات دخول الحوثيين الحزم ليسيطروا على مركز محافظة الجوف على مشارف الذكرى الخامسة لانطلاق عاصفة الحزم في اليمن على يد التحالف بقيادة السعودية والإمارات؟ وما الذي ستغيره سيطرة الحوثيين على محافظة الجوف في المعادلات الميدانية والسياسية القائمة في المشهد اليمني؟
وحسب تقرير بثته قناة "الجزيرة"، سقطت الحزم بيد الحوثيين في الذكرى الخامسة لانطلاق عاصفة الحزم ذاك ما فرضته سيطرة الحوثيين على مركز محافظة الجوف ذات الموقع الاستراتيجي واضعة مأرب على رأس أهدافهم القريبة القادمة انطلاقا من مواقع تطل أكثر فأكثر على الحدود السعودية طارحة أسئلة حارقة بشأن الدور الذي لعبه التحالف بقيادة السعودية والإمارات على وقع الذكرى الخامسة لتدخله في الحرب باليمن في هذه التطورات.
يحسم الحوثيون الجوف ويصبحون على حدود السعودية وبحسب مصدر عسكري يمني فإن مسلحي الحوثي اقتحموا مدينة الحزم عاصمة محافظة الجوف بعد أن دحروا قوات الشرعية المسنودة نظريا بالسعودية ما يعني أن الخسارة مزدوجة للشرعية والرياض معا فموقع المحافظة استراتيجي ومساحتها شاسعة ما يمنح الحوثيين إطلالة على الأراضي السعودية تسمح لهم بالتفوق وفق البعض.
جاء هذا بعد نحو أسبوعين مما يعتبرها البعض إهانة قاسية للسلاح السعودي؛ إذ أسقط الحوثيون طائرة تورنيدو تابعة للجيش السعودي في محافظة الجوف، وكان ذلك مؤشرا في حينه على عنف المواجهات بين جماعة الحوثي وقوات الشرعية، إضافة إلى ما يقول البعض إنه تطور ملحوظ في تسليح الحوثيين، بينما يقولون هم إنه تطوير للسلاح ومنه الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية، وبذلك احتفلوا قبل أيام واستعرضوا السلاح.
ماذا يعني هذا؟ بحسب السفير اليمني لدى اليونسكو فإن خسارة الجوف انعكاس طبيعي لبقاء القيادات السياسية والعسكرية اليمنية خارج البلاد إضافة لما قال إنها معارك جانبية بعيدا عن المعركة الكبرى المفترضة، وهي دحر الانقلاب الحوثي ذلك بحسبه خذلانا لمحافظة قاتلت واستبسلت قبل أن تسقط في أيدي الحوثيين.
هناك أيضا وفقا ليمنيين ما يصفونه بأنه تسليم لليمن إلى الحوثيين في الشمال والانفصاليين في الجنوب وتغطية ذلك بمؤتمرات يجمع فيها الانفصاليون مع الشرعية بما ينأى بالرياض عن دورها المفترض في تمكين الشرعية لاستعادة البلاد؛ فالسعودية إذ تتوسط بمعية الإمارات يعني ذلك أنها نفضت يدها من ملف الشرعية ونأت عنها وليس ثمة من يستفيد من هذا أكثر من الحوثيين الذين يواصلون تقدمهم في محافظات الشمال ولم يمنعهم هذا أي نأي الرياض بنفسها عن الشرعية من استهداف الأراضي السعودية في العمق.
الحوثيون يتقدمون بينما تصر الرياض على أنها خيارها في فتح قنوات خلفية للتفاوض مهم استراتيجي ولا رجعة عنه وهو ما قاله ضمنا وزير الخارجية السعودي في ميونخ وربما كانت الرخاوة السياسية ما أغرى ويغري الحوثيين بالمزيد فالحرب بالنسبة لهم لم تنته مع الشرعية وحسب بل ومع كل من ساندها أو ناصرها أو تحدث عن ضرورة إعادتها لحكم البلاد.