“عقارات المدنيين!”.. هل يجرؤ “شعراوي” على استرداد أراضٍ نهبها الجيش؟

- ‎فيتقارير

ربما يتعجّب الكثيرون من اسم الفيلم “رُد قلبي”، والسر وراء هذه التسمية يكمن في مشهد مصادرة العسكر كل أملاك عائلة إنجي بعد انقلاب 1952، وذهاب “علي” إليها لأخذ ممتلكاتها، ومن ضمنها الذهب والمجوهرات، بينها سلسلة على شكل قلب، كان قد أهداها لها من قبل، فتطلب منه رد السلسلة إليها وعدم مصادرتها، وتلك الرسالة التي أراد الانقلابي الفاشي جمال عبد الناصر أن تصل إلى الشعب.

“محدش ياخد حاجة مش بتاعته… هي مش طابونة.. وآخر الشهر آخد تمام باستعادة الأراضى كلها بالكامل”، كانت هذه كلمات جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي يطالب فيها باستعادة أراضي الدولة التي تم نهبها، لكن هل يجرؤ السفيه السيسي على استرداد أراضي الدولة التي نهبها الجيش؟

عقارات المدنيين

وبعد الانقلاب العسكري في يوليو 2013، قام السفيه السيسي بتأميم عدد كبير من الأراضي المصرية لصالح الجيش، وجعلها تحت تصرفه، وعندما أصدر قراره بحصر أراضي الدولة التي تم الاستيلاء عليها دون وجه حق، لم يذكر في قراره الأراضي التي وهبها للجيش، كما تجاهل لجنة “محلب” التي طالبها باسترداد أراضي الدولة في 2016.

وأمس الثلاثاء قاد اللواء محمود شعراوى، وزير التنمية المحلية في حكومة الانقلاب، يرافقه أحمد راشد، محافظ الجيزة، ميدانيًا أعمال إزالة 25 عقارًا تمت إقامتها بالمخالفة بدون ترخيص بجوار حرم ومطالع محور الضبعة بنطاق عزبة الخلايفة بحى الوراق، وذلك بالتنسيق مع وزارة الداخلية وحضور مدير أمن الجيزة والأجهزة المعنية .

وأعلن شعراوى عن نجاح سلطات الانقلاب فى استرداد 2 مليون متر مربع من أراضي أملاك الدولة بكافة المحافظات، بعد التعدى عليها من بعض المواطنين بالبناء والزراعة، مؤكدًا أن المحافظين يتابعون على مدار الساعة الجهود التى تقوم بها الأجهزة التنفيذية بالتعاون والتنسيق مع مديريات الأمن وقوات إنفاذ القانون لأعمال إزالة التعديات على الأراضى الزراعية و”أملاك الدولة”، والتصدي بكل حسم وقوة لمحاولات بعض المواطنين لاستغلال الوضع الراهن فى القيام بالتعديات!.

وعلى الرغم من عدم وجود أرقام رسمية لإجمالي مساحات الأراضـي المنهوبة من الدولة، فإن إحصائيات قدرتها بـ77 مليارات دولار، فيما كشفت تقارير دولية عن أن أكثر من 134 مليار دولار حصيلة المنهوب من مصر بعد ثورة 25 يناير.

وبحسب ذات التقارير، فإن غالبية الأراضـي المنهوبة تم نهبها من جهات سيادية وشخصيات مهمة تتبع الجيش والداخلية والقضاء والمخابرات، منهم عضو القوات المسلحة السابق، المحافظ الأسبق للوادي الجديد والإسكندرية، اللواء أركان حرب طارق المهدي، والذي تورط في الاستيلاء على أراضـي الدولة بالإسكندرية.

كما قام السفيه السيسي بعد انقلابه على الرئيس الشهيد محمد مرسي بتخصيص أراضٍ عديدة لصالح الجيش وضعها تحت تصرفه، حيث اعتبر أن جميع الأراضـي الصحراوية ملك للقوات المسلحة.

وقال الصحفي أحمد جمال زيادة: يبدو أن القوات المسلحة ترغب في امتلاك أكبر قدر من الأراضي في فترات قصيرة جدا، لأمور اقتصادية بحتة يستفيد منها الجيش فقط، لافتا إلى أنه منذ اغتصاب السفيه السيسي السلطة اتخذ قرارات عدة بتخصيص أراض للقوات المسلحة.

مجرد سؤال بريء

من أهم الأراضي التي لن يجرؤ السفيه السيسي على المطالبة باستردادها، قراره في 2015 بتنظيم قواعد التصرف في الأراضي والعقارات التي تخليها القوات المسلحة، ونص على الإبقاء على الأراضي المملوكة للجيش بعد إخلائها، وأنه يمكن للقوات المسلحة استغلالها في أي مشاريع خاصة بها بالشراكة مع أجانب.

كما قام السفيه السيسي بإصدار قرار رقم 57 لسنة 2016، بتخصيص 16 ألفا و645 فدانا من الأراضي الواقعة جنوب طريق القاهرة السويس للجيش، وهي أراضي العاصمة الإدارية الجديدة، وتجمع زايد العمراني، المنتظر الانتهاء من إنشائهما في غضون من خمس إلى سبع سنوات.

ولم يكتفِ السفيه السيسي بذلك، بل قام بإصدار قرار بتخصيص آلاف الأفدنة لصالح الجيش بدعوى الاستزراع السمكي، وتوظيف الشباب، فضلا عن تخصيص الأراضـي الصحراوية بعمق 2 كيلومتر على جانبي 21 طريقًا جديدًا يتم إنشاؤها وإصلاحها حاليا، لوزارة الدفاع.

ومن الأراضي أيضا التي تم تخصيصها للقوات المسلحة، قيام السفيه السيسي بتخصيص أراضٍ بعمق 2 كيلو متر على جانبي الطرق ذات طبيعة عسكرية، يتم إنشاؤها أو إصلاحها حاليا.

يبلغ إجمالي مختلف الطرق في أنحاء الجمهورية لوزارة الدفاع 21 طريقا، بجانب مخالفته للمادة 32 من الدستور التى تحظر على الدولة تحويل أراضـي الدولة والملكية العامة إلى ملكية خاصة.

الفقيه الدستوري د. محمد نور فرحات، قال: “هل يجرؤ أحد من أعضاء مجلس النواب على تقديم سؤال (مجرد سؤال بريء) إلى رئيس الوزراء ووزير الدفاع عن الحكمة من تحويل الأراضـي المحيطة بالطرق الجديدة إلى ملكية الجيش يا ممثلي الشعب؟”.

ومن أشهر قضايا الفساد في نهب أراضـي الدولة، قضية اتهم فيها اللواء عادل عمارة، أحد أعضاء المجلس العسكري، والذي قام ببيع أراضي الدولة مقابل عمولات ورشاوى، زاعما أن الدولة ليست في احتياج لها، حيث ينص القانون أن أية أراض تابعة للدولة هي ملك للقوات المسلحة يمكنها استغلالها وقت الحرب، واستغل عمارة هذا القانون ببيع الأراضي.