نشر موقع "المونيتور" تقريرا سلط خلاله الضوء على زيارة وزير الخارجية الصيني وانغ يي إلى إثيوبيا، لإظهار دعم بلاده لحكومة رئيس الوزراء آبي أحمد، وتداعياتها على علاقة الصين مع مصر.
وبحسب التقرير الذي ترجمته "بوابة الحرية والعدالة"، زار وزير الخارجية الصيني وانغ يى إثيوبيا يوم 1 ديسمبر، وعقد محادثات مع نظيره الإثيوبي ديمكي ميكونن، وفي مؤتمر صحفي عقب المحادثات أكد وانغ أن بلاده ترفض أي تدخل أجنبي في الشئون الداخلية لإثيوبيا، كما أكد معارضة الصين لأي محاولات لفرض مصلحة سياسية خارجية على الشؤون الداخلية الإثيوبية، ودعمها القوي للحكومة الإثيوبية ورئيس الوزراء آبي أحمد.
ومن جانبه أكد ميكونن مجددا التزام الحكومة الإثيوبية بتعزيز العلاقات القوية مع الصين، والقيام بدور محوري في المجالات الثنائية ومتعددة الأطراف.
قلق مصري
وفي اليوم التالي سارعت شخصيات مصرية إلى انتقاد الزيارة، وأكد اللواء أحمد العوضي رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في برلمان الانقلاب، رفض بلاده لأي تحرك من شأنه أن يقوض السلم والأمن في المنطقة.
وحذر العوضي من أن الوقوف إلى جانب أي طرف في الصراع الإثيوبي المصري، سيثير الفوضى في المنطقة ويغضب مصر ويهز الاستقرار في المنطقة، ويؤثر سلبا على أزمة سد النهضة الإثيوبي الكبير.
دعم عسكري وسياسي واقتصادي
وتعليقا على هذا الموضوع، أشار سمير غطاس، النائب السابق في برلمان الانقلاب ورئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات السياسية والإستراتيجية، إلى أن الصين تدعم ولا تزال النظام الإثيوبي بكل قوتها، عسكريا وسياسيا.
وقال لـلمونيتور "الصين لا تريد للنظام الإثيوبي أن ينهار أو يسقط على يد الجماعات المتمردة في البلاد، إن هذه التحركات الدبلوماسية الصينية لا تستهدف مصر، بل تهدف إلى الحفاظ على المصالح الصينية في أثيوبيا، خاصة وأن سقوط النظام الأثيوبي من شأنه أن يهدد مصالح الصين".
وفقا لمبادرة الأبحاث الصينية الإفريقية في جامعة جونز هوبكنز، اقترضت إثيوبيا 13.7 مليار دولار من 148 مليار دولار من القروض التي قدمتها الصين إلى الدول الأفريقية بين عامي 2000 و 2018، تعمل حوالي 500 شركة صينية في إثيوبيا باستثمارات تتجاوز 1.5 مليار دولار.
وفي 6 مارس وقعت الصين وإثيوبيا مذكرة تفاهم حول إقامة آلية حماية أمنية للمشروعات الكبرى في إطار مبادرة الحزام والطريق في إثيوبيا، وقد تم توقيع المذكرة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا بين المفوض العام للشرطة الفيدرالية الإثيوبية ديميلاش جيبريمايكل وسفير الصين لدى إثيوبيا تشاو تشي يوان.
وخلال مراسم التوقيع ، أكد جيبريميشيل ان الاتفاقية ستعزز السلامة والأمن في مشاريع التنمية الرئيسية في هذا البلد الإفريقي.
رسالة لأمريكا
وفي 2 سبتمبر أيضا، نشر موقع Oryxspioenkop على الإنترنت حول شؤون الأمن والدفاع تقريرا حول إمداد الصين من الطائرات بدون طيار إلى إثيوبيا، دعما لأحمد في حربه ضد الجماعات المتمردة، بقيادة جبهة تحرير شعب تيجراي.
وقال غطاس إن "زيارة وانغ الأخيرة استهدفت توجيه رسالة إلى المجتمع الدولي، وتحديدا إلى الولايات المتحدة، مفادها أن الصين ستدعم حليفها أحمد، ولن تسمح بسقوطه أو انهيار النظام الإثيوبي، مهما كلف الأمر".
وفي 2 ديسمبر تحدث المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية السفيرة دينا مفتي عن قيام دول أجنبية بتدبير مؤامرة للإطاحة بحكومة أحمد المنتخبة دستوريا، وأدان التدخلات في الشؤون الداخلية لدولة ذات سيادة، في انتهاك لميثاق الأمم المتحدة وميثاق الاتحاد الأفريقي.
وفي 6 ديسمبر أصدرت الولايات المتحدة وخمس دول أخرى — المملكة المتحدة وأستراليا وكندا والدنمارك وهولندا — بيانا يدين عمليات الاعتقال التي قامت بها قوات الأمن الإثيوبية ضد آلاف المواطنين على أساس انتمائهم العرقي، وحث البيان الحكومة الإثيوبية على وقف هذه الممارسات فورا.
وقال غطاس "لقد نجحت الصين إلى حد كبير في إخضاع الجانب الأثيوبي، وتحدت الوجود الأميركي في إثيوبيا من خلال دعمها غير المحدود للحكومة الإثيوبية، وخلق مناطق قوة في القرن الأفريقي، وانها لن تتخلى عن هذه المكاسب بسهولة".
تهديد للأمن القومي المصري
وحول تأثير التحركات الدبلوماسية الصينية الأخيرة على نظام السيسي، قال غطاس "هناك حالة من الاستياء المصري إزاء هذه التحركات، فإثارة الفوضى واستمرار الحرب الأهلية قد يحول أثيوبيا إلى أرض حرب بالوكالة، وهو ما يهدد الأمن القومي المصري ومنطقة سد النهضة المتنازع عليها بين مصر والسودان وإثيوبيا".
وتوقع أن تلجأ سلطات الانقلاب إلى السبل الدبلوماسية، للضغط على الصين في الأيام القادمة وسط استمرار دعمها لحكومة أحمد من خلال التقارب مع الولايات المتحدة، يأتي ذلك في ظل التنافس الشديد بين البلدين والصراع القائم بينهما في المنطقة.
بدوره قال علي الحفني، نائب وزير الخارجية السابق وسفير مصر السابق لدى بكين وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، في تصريحات لـلمونيتور إن "الصين تسعى إلى تحقيق مصالحها، وهذا لا يعني أنها تقف في صف أثيوبيا أو تنأى بنفسها عن القاهرة، فالصين تنظر إلى أثيوبيا باعتبارها دولة ذات دور محوري في القرن الأفريقي في حين تتفهم الثقل الإقليمي الأكبر لمصر، الصين تريد تحقيق مصالحها بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى".
كسب ود مصر
واستبعد وجود أي توتر في العلاقات المصرية الصينية نتيجة دعم الصين لأحمد، مضيفا أن الصين سوف تحاول اكتساب الدعم المصري من خلال تعزيز التعاون الاقتصادي مع القاهرة، خشية أن تتأثر العلاقات بين البلدين، وعلى الرغم من الدعم الصيني لأحمد، فإن بكين حريصة على توطيد علاقاتها مع نظام السيسي، لأن مصر قوة إقليمية وركيزة للاستثمار في أفريقيا.
وفي يوم 2 ديسمبر ، اعترف السفير الصيني لدى القاهرة لياو لي تشيانغ بأن مصر شريك إستراتيجي رئيسي في العديد من المجالات ، مؤكدا أن بلاده ستوسع تعاونها مع القاهرة بهدف تحقيق تنمية مشتركة.
وفي 25 فبراير الماضي ، أشارت السفارة الصينية في القاهرة إلى أن الصين كانت أكثر المستثمرين نشاطا في مصر خلال السنوات الأخيرة، ووفقا للإحصاءات الصادرة عن وزارة التجارة الصينية، قفز الاستثمار المباشر الصيني الجديد في مصر ، ليبلغ أعلى مستوى له في الربع الأول من عام 2021.
https://www.al-monitor.com/originals/2021/12/chinas-support-ethiopian-government-complicates-ties-egypt
