وأتت اللحظة التي لا يحسب الظالمون لها حساب، وطرق الموت باب زنزانة رجل الأعمال محمد الأمين في محبسه ذي الخمسة نجوم، ومع دفنه تدفن أسرار أخطر حقبة مرت على الإعلام في سنوات الثورة المضادة 2011/2013، والتحضير للانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013، كان هو مستودع سر أموالها المتدفقة بلا حساب من الخليج لصناعة صحف وقنوات، وانتهى على يدهم في السجن بتهم تخل بالأخلاق والشرف.
لفظ محمد الأمين أنفاسه الأخيرة داخل مستشفى السلام الدولي، حسب ما نشره رفيقه طبال العسكر مصطفى بكري عبر صفحته الشخصية على موقع "تويتر" مشيرا إلى أنه رحل عن عالمنا متأثرا بمضاعفات مرضه بسرطان الرئة، وكان يقضي العقوبة في سجن وادي النطرون ، وتم نقله إلى مستشفى السلام الدولي منذ عدة أشهر.
الصندوق الأسود
يعتبر محمد الأمين من أبرز أذرع الإمارات أثناء الثورة المضادة والتي مهدت انقلاب 30 يونيو، حيث أدار الأمين لصالح الإمارات 14 قناة فضائية و3 صحف مصرية من أشهرها سلسلة قنوات سي بي سي، كما شارك في تأسيس غرفة لصناعة وتنظيم الإعلام التي جمع عن طريقها جميع الصحف والقنوات الفضائية، وغيرها من المؤامرات التي مهدت لانقلاب السفاح السيسي.
بعد ثورة 25 يناير 2011، ظهر محمد الأمين، ضمن مجموعة أخرى صنفوا بأباطرة الإعلام، وأسسوا قنوات إعلامية لعبت دور السيطرة على الرأي العام وتزييف الحقائق، وعرفت بأنها أبواق وأذرع لإجهاض ذلك الإنجاز.
أطلق عقب الثورة مجموعة قنوات "سي بي سي" وتعاقد مع عدد من أشهر المذيعين في مصر المعروفين بموالاتهم للعسكر وتأييدهم الانقلاب، أبرزهم لميس الحديدي وخيري رمضان وعماد الدين أديب، وتوسعت مجموعة قنواته لتشمل أكسترا ودراما وسفرة.
واشترى الأمين، قنوات رياضية وامتلك جرائد وصحفا ورقية، وسخر كل أدواته الإعلامية لمحاربة الثورة ودعم انقلاب 30 يونيو 2013، والترويج للأكاذيب والافتراء على المعتصمين برابعة العدوية والنهضة الرافضين لانقلاب السفاح السيسي، على الرئيس الشرعي الشهيد محمد مرسي.
ودخل الأمين في أزمة مع النظام بسبب علاقاته الإقليمية، وتحديدا في الإمارات التي يتمتع فيها الأمين بعلاقات طيبة كانت بعلم السفاح السيسي في السابق، لكنها أخيرا أصبحت تشكل مصدر قلق له، وبالتالي جرى تشديد الرقابة على الجميع ومن بينهم الأمين، حتى تم رصد محادثات أغضبت عصابة الانقلاب، ولطالما حاولت الإمارات فتح قنوات اتصال مع أطراف سياسية وإعلامية مصرية، خارج نطاق علاقاتها مع السفاح السيسي، وهو الأمر الذي كان يزعج عصابة العسكر.
الاتجار في البشر
وأصبح الأمين رجل المجلس العسكري لضرب ثورة يناير، بعدما عاد من الكويت بعد تكوين ثروة مجهولة من العمل في المقاولات، وتخلى أخيرا عن كل منصاته الإعلامية لـشركة المتحدة للإعلام المملوكة لجهاز المخابرات العامة التي تمتلك أغلب الأذرع الإعلامية، بجانب تبرعه بنصف ثروته لصندوق تحيا مصر الذي يشرف عليه السفاح السيسي شخصيا.
وأدان قضاء العسكر الأمين في اتهامه بـ”الاتجار في البشر بالتعامل في أشخاص طبيعية؛ وهن فتيات مجني عليهن من نزيلات دار أيتام مملوكة له ببني سويف، وذلك باستغلاله ضعفهن بقصد التعدي عليهن جنسيا، وتحريض أخرى على ارتكاب تلك الجريمة، وكذا هتك عرضهن بالقوة والتهديد”.
وخضع رجل الأعمال لتحقيقات موسعة حول اتهامه بالإتجار بالبشر، بناء على بلاغ تلقته النيابة من “المجلس القومي للأمومة والطفولة” في 10 ديسمبر الماضي، بشأن ما نشرته صفحة أطفال مفقودة بموقع فيسبوك عن تورطه في هتك عرض فتيات مقيمات في دار أيتام يمتلكها، واصطحاب بعضهن إلى فيلته الخاصة بمنطقة الساحل الشمالي لمدة أسبوع، حتى يتمكن من هتك عرضهن، بالإضافة إلى طلبه منهن أفعالا مخلة.