أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي ترامب، حول عدم نيته لتهجير أهالي غزة، كما كرر سابقا، الاستغراب من الكثير من المتابعين، والقوى والفعاليات السياسية والفاعلين الدوليين.
فقد رحّب كل من المتحدث باسم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) حازم قاسم، ومصر، اليوم الخميس، بما بدا أنه تراجع من الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن دعوات تهجير سكان قطاع غزة.
ودعا قاسم الرئيس الأميركي إلى عدم الانسجام مع رؤية اليمين الصهيوني المتطرف.
وقال قاسم: “في حال كانت تصريحات الرئيس الأميركي ترامب هي تراجع عن كل فكرة تهجير أهالي قطاع غزة، فهي تصريحات مُرحّب بها، وندعو لاستكمال هذا الموقف بإلزام الاحتلال بتطبيق كل اتفاق وقف إطلاق النار.
وجاء تصريح مسؤول حماس بعدما قال ترامب أمس الأربعاء: إنه “لا أحد يطرد أي فلسطيني من غزة”، ردا على سؤال خلال اجتماع في البيت الأبيض مع رئيس الوزراء الأيرلندي مايكل مارتن.
كما أكد ترامب في الوقت ذاته أن واشنطن تعمل بجد بالتنسيق مع إسرائيل للتوصل إلى حل للوضع في القطاع.
في السياق ذاته، أعربت مصر اليوم الخميس عن تقديرها لتصريحات ترامب، بشأن عدم مطالبة سكان قطاع غزة بمغادرته.
وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان: إن “هذا الموقف، يعكس تفهما لأهمية تجنب تفاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع، وضرورة العمل على إيجاد حلول عادلة ومُستدامة للقضية الفلسطينية”.
كان الرئيس الأميركي يروّج، منذ 25 يناير الماضي، لمخطط نقل فلسطينيي غزة إلى دول مجاورة، مثل مصر والأردن، وهو الأمر الذي رفضته الدولتان، وانضمت إليهما دول عربية أخرى، ومنظمات إقليمية ودولية.
وعرض في مطلع فبراير الماضي خطته بهذا الشأن، التي اقترح فيها تهجير الفلسطينيين بشكل دائم وأن تتولى الولايات المتحدة السيطرة على القطاع مع إطلاق خطة لإعادة إعماره وتحويله إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء أمس: إنه “لا أحد يريد طرد الفلسطينيين من غزة”، في أحدث تعليق على خطته التي أعلن عنها سابقًا لتهجير سكان القطاع إلى دول مجاورة، ما رحبت به حركة حماس في بيان، داعية إلى ضرورة الضغط على إسرائيل لاستكمال تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.
وفي رد على سؤال خلال لقائه رئيس الوزراء الأيرلندي مايكل مارتن في البيت الأبيض، قال ترامب: “لن يَطرد أحدٌ أحدًا من قطاع غزة”.
فيما قال رئيس وزراء أيرلندا عقب لقاء ترامب: “نريد الإفراج عن المحتجزين وتحقيق السلام في غزة”، ودعا إلى ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار، في ظل جهود الوساطة الدولية، لخوض مباحثات المرحلة الثانية من اتفاق غزة.
ونهاية يناير الماضي، دعا الرئيس الأمريكي كلًا من مصر والأردن لاستقبال عدد من سكان قطاع غزة، لكن هذه الدعوة قُوبلت بالرفض القاطع من مصر والدول العربية، كما واجهت انتقادات دولية، كما نددت جماعات لحقوق الإنسان بنقل الفلسطينيين من القطاع بشكل دائم، ووصفت الأمر بأنه تطهير عرقي.
وإذا ما تم اعتبار تصريحات ترامب تراجعًا، فإنه ليس الأول إذ قال في تصريحات لفوكس نيوز يوم 21 فبرايرالماضي، إن خطته بشأن غزة جيدة لكن لن يفرضها، وإنه يوصي بها فقط، مردفًا “غزة مدمرة تمامًا، ولو مُنح سكانُها حرية الاختيار سيغادرونها”.
من ناحية أخرى، قالت وزارة الخارجية المصرية: إن “وزراء خارجية مصر وقطر والسعودية والأردن ووزير الدولة بالخارجية الإماراتية وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية اجتمعوا أمس، مع المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف في الدوحة، للتشاور حول خطة القاهرة لإعادة إعمار قطاع غزة”.
وذكر بيان صادر عن الاجتماع أن الوزراء العرب عرضوا خطة إعادة الإعمار التي أقرتها القمة العربية المنعقدة في القاهرة في 4 مارس 2025، كما اتفقوا مع المبعوث الأمريكي على مواصلة التشاور والتنسيق بشأنها كأساس لجهود إعادة إعمار القطاع.
وجاء في البيان أن الوزراء العرب، أكدوا أهمية تثبيت وقف إطلاق النار في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، مشددين على ضرورة إطلاق جهد حقيقي لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين.
واعتمدت قمة عربية طارئة بشأن فلسطين في القاهرة خطة لإعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين منها، على أن يستغرق تنفيذها 5 أعوام، وتبلغ تكلفتها نحو 53 مليار دولار، تتضمن تشكيل لجنة لإدارة شؤون القطاع في مرحلة انتقالية لمدة 6 أشهر تشمل رفع الأنقاض وتركيب المساكن المؤقتة في 7 مواقع تستوعب أكثر من 1.5 مليون شخص.
وبينما رحبت حركة حماس بالخطة المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة، هاجمتها إسرائيل ورفضتها الولايات المتحدة مؤكدتان التمسك بمخطط ترامب.
السر في الصمود
ويرى مراقبون أن تخبطات ترامب، ومواقفه المتأرجحة، يرجع إلى عقلية المقامرة ومقاول العقارات، الذي يريد تحقيق أكبر عدد من الأهداف بأقل الأدوات وأقل التكلفة، إذ يصعد ترامب بأشد القوة للوصول لأهداف أبعد مما يتخيل.
تلك الاستراتيجية جرّبها مع أوكرانيا وبنما وغيرها، إلا أن الصمود الفلسطيني هو سر تراجع ترامب، وتغييره استراتيجيته مع الشعب الفلسطيني المتمسك بأرضه.