هل هناك “إيلي كوهين” جديد  بالعواصم العربية ؟ ..استعادة الموساد لأرشيف جاسوسه الأخطر بسوريا تفتح باب حجم الاختراقات!

- ‎فيتقارير

 

أثار إعلان جهاز الموساد الإسرائيلي استعادة أرشيف الجاسوس الشهير إيلي كوهين من دمشق جدلاً واسعاً، لم يتوقف عند حدود العملية الاستخباراتية، بل تجاوزها إلى تساؤلات أكبر حول اختراقات مشابهة قد تكون قائمة اليوم في عدد من العواصم العربية، بما فيها من يشغلون مواقع عليا وحساسة في دوائر السلطة.

الملف الذي كشفت عنه تل أبيب مؤخراً -وتفاوتت الروايات حول كيفية استعادته، بين عمل استخباراتي أو صفقة سياسية مع الحكومة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع- يسلط الضوء مجدداً على القدرة الإسرائيلية على زرع عملاء في أعلى هرم السلطة، تماماً كما فعل كوهين قبل ستة عقود حين وصل إلى قلب النخبة الحاكمة في سوريا، وجلس على موائد كبار جنرالات الجيش ومراكز اتخاذ القرار.

اختراق غير تقليدي.. خطر مستمر

ويرى العميد المتقاعد والخبير في شؤون الاستخبارات العربية، محمد الحسيني، أن عملية كوهين لم تكن مجرد حادث عابر في سياق الحرب الاستخباراتية بين إسرائيل والدول العربية، بل كانت "نموذجاً متقدماً لاختراق المجتمعات السياسية والعسكرية من الداخل عبر استخدام الهوية والانتماء والعلاقات الاقتصادية كغطاء لتجنيد طويل الأمد".

ويضيف الحسيني، في حديث للجزيرة نت: "الخطير اليوم ليس فقط ما فعله كوهين في ستينيات القرن الماضي، بل ما إذا كان لدينا اليوم أمثاله يعيشون بيننا، وربما يشغلون مواقع حساسة، في ظل انفتاح سياسي وتطبيع علني وسري مع تل أبيب في أكثر من عاصمة عربية".

ويحذر الحسيني من أن "الاستخبارات الإسرائيلية لم تتوقف لحظة عن استثمار عوامل الانقسام والفساد وضعف البنى الأمنية في كثير من الأنظمة العربية، للوصول إلى مفاصل القرار، بما فيها الرئاسة أو القيادة العليا".

الأصول اليهودية… وتكهنات متجددة

ومع تجدد الحديث عن قدرة إسرائيل على زرع جواسيس في بيئات عربية مغلقة، عادت بعض الأصوات لتطرح مجدداً تساؤلات حول الخلفيات العائلية لبعض القادة العرب، ومن أبرزهم عبد الفتاح السيسي، الذي كانت تقارير ومقالات متفرقة قد أثارت الجدل بشأن أصوله اليهودية المفترضة.

ورغم عدم وجود دليل موثق يدعم هذه الفرضية، فإن الحملة الدعائية الإسرائيلية المتكررة حول "اليهود من أصول عربية" الذين وصلوا إلى مراتب عليا في دولهم، تسهم في تغذية هذا النوع من الشكوك، خاصة عندما تقترن بسياسات قادةٍ باتوا أكثر تقارباً مع تل أبيب من أي وقت مضى.

صفقة أم اختراق جديد؟

وبحسب تقارير رويترز وصحيفة يديعوت أحرونوت، فإن استعادة أرشيف كوهين جاءت على ما يبدو في إطار "بادرة حسن نية" من القيادة السورية الجديدة، التي تسعى إلى تخفيف التوتر وبناء علاقات جديدة في المنطقة، وهو ما اعتبره بعض المراقبين بداية لـ"إعادة تعريف" مفهوم العداء التقليدي مع إسرائيل.

وفي هذا السياق، يعلّق السياسي السوري المعارض عبد العزيز الأحمد قائلاً: "استعادة الموساد لأرشيف كوهين قد تبدو خطوة رمزية، لكنها في الحقيقة مؤشر عميق على التحولات الجيوسياسية في المنطقة، حيث لم يعد التعاون مع إسرائيل من المحرمات، بل من أدوات التموضع الإقليمي الجديد".

ما وراء استعادة الأرشيف

ضم الأرشيف المستعاد رسائل ومذكرات شخصية، وصوراً ومقتنيات استخدمها كوهين خلال فترة نشاطه في دمشق، من ضمنها مفاتيح شقته وجوازات مزورة، بالإضافة إلى معلومات دقيقة عن المواقع العسكرية السورية، وبعضها تم استغلاله لاحقاً خلال حرب 1967.

وتتساءل دوائر أمنية عربية اليوم: ماذا لو كانت هناك "أرشيفات حية" أخرى يجمعها عملاء آخرون، ينتظرون لحظة الكشف؟ وهل تكرار سيناريو كوهين أمر مستبعد في ظل الانقسامات الداخلية والتطبيع المتزايد، أم أنه مجرد مسألة وقت؟