إلغاء أمريكي لشهادة "الحلال" يشعل الجدل مجددًا في خطوة أثارت قلقًا واسعًا في أوساط المسلمين داخل الولايات المتحدة وخارجها، قامت الحكومة الأمريكية بإلغاء ما يُعرف بشهادة "الحلال" الخاصة بعدد من سلاسل المطاعم العالمية، أبرزها: ماكدونالدز، كنتاكي، دومينوز، بيتزا هت، وستاربكس، وفق ما أعلنته هيئات إسلامية معتمدة هناك. ووفقًا لبيانات صادرة عن مجلس القضاء الإسلامي (MJC) والهيئة الإسلامية لشهادات الحلال IQSA، تم رسميًا سحب الشهادات الممنوحة لتلك العلامات التجارية، بعد الكشف عن مكونات لا تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية. مكونات تحتوي على مشتقات خنزير وأفاد تقرير داخلي نُسب إلى موظفين في مطابخ تابعة لماكدونالدز بولاية فلوريدا، بأن بعض الصلصات والمنتجات المستخدمة في عدد من الوجبات الشهيرة تحتوي على مادة تُعرف باسم "LM10"، وهي مشتقة من لحم الخنزير، ما يُعد محرمًا في الشريعة الإسلامية. وقد أكدت جهات رسمية من داخل سلسلة مطاعم ماكدونالدز أن بعض مكونات هذه المنتجات تأتي مباشرة من موردين معتمدين من الحكومة الأمريكية، وهو ما دفع الهيئات الإسلامية إلى سحب الشهادة فورًا، واعتبار تلك المنتجات غير صالحة للاستهلاك من قبل المسلمين. دعوات للمقاطعة تتجدد هذه التطورات تأتي في وقت تتصاعد فيه الدعوات الشعبية في مصر والعالم العربي لمقاطعة المنتجات الأمريكية، خاصةً في ظل الدعم العسكري والسياسي الأمريكي المستمر لإسرائيل في حربها على غزة. لكن اللافت أن حكومة السيسي، رغم هذه المستجدات، لم تحرّك ساكنًا لا لمنع تلك المنتجات ولا لمراجعة استيرادها أو تداولها في الأسواق المصرية، في تجاهل تام للموقف الشرعي والوجداني للمصريين، بحسب مراقبين. علماء: مسؤولية شرعية لا يمكن التهاون فيها في هذا السياق، قال الدكتور سعد فيّاض، الباحث في الفكر الإسلامي، إن "استمرار تداول هذه المنتجات دون تحقق من مطابقتها لأحكام الشريعة يُعد استهانة بعقيدة ملايين المسلمين، وهو أمر لا يجوز السكوت عنه شرعًا ولا وطنيًا". وأضاف فيّاض في تصريح خاص أن "مسؤولية الحكومات المسلمة، ومنها الحكومة المصرية، تقتضي التحقق من سلامة السلع المتداولة شرعًا، لا سيما في ظل معلومات موثقة عن وجود مشتقات خنزير أو ذبح غير مطابق للشرع". من جانبه، شدد الدكتور أحمد عبد المنعم، أستاذ الفقه المقارن، على أن "التحذير من هذه المنتجات لا يقتصر على البعد الديني فقط، بل يتصل بحماية الهوية الإسلامية في مواجهة موجات التغريب، وفرض أنماط استهلاك لا تراعي الخصوصيات الثقافية والدينية". مراقبون: صمت الحكومة يعكس ازدواجية المعايير وفي تعليق اقتصادي وسياسي، اعتبر الخبير في السياسات التجارية الدكتور علاء مرسي أن "الصمت الرسمي المصري تجاه هذه القضية الحساسة يعكس ازدواجية في المعايير؛ إذ تتشدد الدولة في مراقبة بعض الأنشطة الصغيرة باسم ضبط الأسواق، بينما تفتح الباب على مصراعيه لشركات عالمية قد تطرح منتجات غير متوافقة مع العقيدة الإسلامية". وأشار مرسي إلى أن "هذا التناقض يُضعف الثقة بين المواطن والحكومة، ويجعل حملات المقاطعة الشعبية وسيلة ضغط مشروعة، خاصة في ظل تواطؤ حكومي واضح مع الشركات الأمريكية التي تدعم الكيان الصهيوني اقتصاديًا". غزة والعقيدة.. وجهان لموقف واحد وتقترن هذه الدعوات كذلك بالغضب الشعبي من الدور الأمريكي في دعم العدوان على قطاع غزة، ما يمنح دعوات المقاطعة بُعدًا أخلاقيًا ودينيًا يتجاوز مسألة المكونات الغذائية إلى موقف مناصر للشعوب المستضعفة ولقيم الإسلام في مقاومة الظلم. الواجب الشرعي والمسؤولية المجتمعية وفي ظل هذه الوقائع، يُحمّل مراقبون حكومة السيسي مسؤولية دينية وأخلاقية، مطالبين الجهات الرقابية في مصر، وعلى رأسها دار الإفتاء ووزارة التموين، بتوضيح موقفها من استمرار تداول هذه المنتجات، واتخاذ قرار حاسم بمنعها أو إخضاعها للفحص الشرعي الدقيق. وفي الوقت ذاته، تتوجه دعوات للأهالي بعدم التهاون مع هذه المعلومات، ومقاطعة كل منتج ثبت احتواؤه على مكونات محرمة، أو فُقدت منه شهادة الحلال المعتمدة، باعتبار ذلك جزءًا من الامتثال لأوامر الشريعة والدفاع عن هوية الأمة.
