تسريب وسرقة بيانات المصريين أصبح ظاهرة منتشرة فى زمن الانقلاب حيث أصبح البيزنس هو الشغل الشاغل لعصابة العسكر التى لم تعد تعرف للأمن القومى معنى ولا الخصوصيات الاجتماعية والشخصية للمواطنين .
فى هذا السياق تعرض البيانات للبيع على شبكة الانترنت لكل من يرغب فى الشراء وبـ"تراب الفلوس" من ذلك إعلان على إحدى المنصات يقول : "بيانات 150 ألف عميل في كمبوندات مصر، محدثة لعام 2024، وتشمل الاسم ورقم الهاتف والعنوان والبريد الإلكتروني وعنوان الكمبوند".. هذه البيانات يعرضها أحد الأشخاص بقيمة 10 دولارات فقط، ويمكن زيادتها إلى 220 ألف عميل بزيادة 10 دولارات أخرى .
وهناك جروبات على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك مخصصة لبيع بيانات عملاء مستهدفين فى كل المجالات، فمن يريد أي بيانات يطلبها على الجروب وهناك من يساعده في الوصول إليها.
من أمثلة ذلك هناك من يطلب بيانات سكان مدينة العبور كاملة، وبيانات عملاء شركات ومستشفيات في جميع أنحاء مصر، وآخر يطلب بيانات مستثمرين ومهتمين بشراء الوحدات التجارية بسوهاج والتجمع الخامس والإسكندرية، وهناك من يطلب بيانات عملاء للبنك الأهلي، وكل منهم يجد من يقدم له طلبه، وعلى إحدى المنصات هناك من يعرض أكبر وأضخم بيانات لأرقام مصرية لعام 2025.
حملات إعلانية
بالتواصل مع أحد الأشخاص الذين يطلبون البيانات، يعمل بأحد مكاتب التسويق، قال: أحيانا نشتري قواعد بيانات من وسطاء محليين ونستخدمها لحملات إعلانية، وليس هناك أي عيب في ذلك .
واضاف : نحن نتواصل مع العملاء ونعرض عليهم خدمة، وبين الشاري والبائع يفتح الله وفق تعبيره .
قاعدة بيانات
فى هذا السياق كشف موقع "دارك انتري" المتخصص في ملاحقة قراصنة الإنترنت عن قيام قراصنة بسرقة بيانات 85 مليون مصري وبيعها على الشبكة الإلكترونية مقابل مبالغ زهيدة لم تتجاوز الـ 3 آلاف دولار.
وقال الموقع: إنه توصل لمعلومات نشرها أحد مواقع التسريبات تزعم وجود قاعدة بيانات تحتوي على 85 مليون سجل لمواطنين مصريين، مشيرا إلى أن القراصنة يزعمون أن قاعدة البيانات تشمل البيانات الخاصة بالأفراد وتشمل الاسم بالكامل، واسم العائلة واسم الأم ورقم بطاقة الهوية المعروفة بالرقم القومي ورقم الهاتف المحمول.
وأكد أن البيانات يتم بيعها بـ 3000 دولار، وهو رقم ضئيل جدا مقارنة بأهمية البيانات مشيرا إلى أن القراصنة زعموا أنهم استولوا على البيانات من مواقع خاصة بالتأمين الصحي واستطاع أحدهم تقديم ما يثبت أن البيانات سليمة.
وأشار الموقع إلى أن أحد مواقع التسريبات قدم معلومات شخصية تخص آلاف المصريين المستخدمين لإحدى العلامات التجارية للملابس، والتي كانت تحتوي على معلومات قيمة عن العملاء مثل الاسم الكامل والإيميل وأرقام الهواتف، موضحا أن أحد القراصنة نشر المعلومات بمشاركة جزء منها مجاناً وعرض التواصل معه مقدما صورة خاصة للشراء.
أمن المجتمع
من جانبه حذر المتخصص في الذكاء الاصطناعي المهندس محمد ناجي، من أن تسريب وبيع قواعد البيانات من أجل تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي يُعد من أخطر التحديات الراهنة، مشيرا إلى أن بيانات شخصية وحساسة تُجمع وتُتداول في أسواق غير رسمية دون علم أو موافقة أصحابها، ثم تُستخدم لاحقًا في تدريب خوارزميات قد تكشف خصوصيات الأفراد، أو تعرّضهم للاحتيال والتمييز.
وقال ناجى فى تصريحات صحفية : المخاطر لا تقتصر على الجانب الأخلاقي فحسب، بل تشمل أيضا أبعادا قانونية وأمنية، نظرا لعدم موثوقية هذه المصادر، واحتمالية احتوائها على معلومات مسروقة أو غير دقيقة.
وأشار إلى أن التعامل مع هذه الإشكالية، يتطلب سن تشريعات صارمة لحماية البيانات، وإلزام الشركات بالإفصاح عن مصادرها، مع تعزيز استخدام البيانات الاصطناعية أو تلك التي جرى الحصول عليها بموافقة صريحة، إضافة إلى آليات تدقيق تضمن نزاهة البيانات قبل استخدامها.
وأوضح ناجى أن الاعتماد على بيانات مسرّبة قد يسرّع من تطوير النماذج، لكنه يضع خصوصية وأمن المجتمع على المحك ما لم تُفرض ضوابط واضحة ومسئوليات محددة.
الـ Dark Web
وأكد خبير أمن المعلومات المهندس محمود فرج أن بيع بيانات العملاء على الإنترنت أمر غير قانوني ويحاسب عليه القانون، موضحا أنه يتم الحصول على هذه البيانات من خلال تسجيل بيانات العميل أثناء شراء منتج معين، ثم تستخدم تلك البيانات خصوصا أرقام الهواتف في عمليات الدعاية،
وشدد فرج فى تصريحات صحفية على أن إعادة بيع هذه البيانات بدون إذن صاحبها يعاقب عليه القانون، بجانب أن هناك بيانات حساسة تباع عبر الإنترنت المظلم أو الـ Dark Web، وتشمل أرقام بطاقات عملاء وعناوينهم وتصل إلى تسريب صور لعملاء بعد اختراق هواتفهم .
وقال إن هذه الصور إما تستخدم للابتزاز والحصول على أموال، أو تباع تلك الصور للخارج من أجل استخدامها في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، موضحا أن عملية الاختراق تتم من خلال إرسال روابط مجهولة، وأحيانا يتم إرسال تلك الروابط من هواتف أشخاص معروفين ولكنهم مخترقون.
وأشار فرج إلى أن الاهتمام بالأمن السيبراني لم يعد رفاهية، مع أهمية عدم فتح أي روابط مجهولة يتم إرسالها عبر البريد الإلكتروني أو تطبيقات التواصل، مشددا على ضرورة التوعية دائما بقراءة سياسات الخصوصية عند التسجيل في أي موقع، لأنه أحيانا تتضمن تلك السياسات إتاحة استخدام البيانات.
