وقف إطلاق النار في مهب الريح ..الاحتلال يعمل على تهجير الفلسطينيين بتفريغ قطاع غزة من مقومات الحياة

- ‎فيعربي ودولي

 

 

ما بين تصعيد متجدد وجمود يهدد التسوية والتوصل إلى حل للأزمة الإنسانية في قطاع غزة ومن ثم التوصل إلى حل جذري للقضية الفلسطينية، يتحول قطاع غزة إلى منطقة تعيش في حالة "لا سلم ولا حرب"، حيث تراوحت الأحداث بين تصعيد عسكري متجدد في محاور القتال الرئيسية، واستمرار الأزمة الإنسانية الكارثية، بالتزامن مع جمود يهدد جهود التوصل إلى تسوية شاملة أو الانتقال إلى مرحلة متقدمة من اتفاق وقف إطلاق النار.

فبينما واصلت دولة الاحتلال عملياتها في مناطق مختلفة من القطاع، لا سيما شمال غزة مؤكدة على هدفها الاستراتيجي في تحقيق القبضة الأمنية المطلقة، ظلت الجهود الإقليمية والدولية، تتركز على تثبيت وقف إطلاق النار وضمان تدفق المساعدات التي تعاني من بطء شديد مقارنة بالاحتياجات الهائلة، خاصة مع دخول فصل الشتاء وتدهور أحوال النازحين.

هذه التطورات، المقترنة بالضغط الدولي المتزايد لوقف عنف المستوطنين في الضفة الغربية، تؤكد أن المنطقة تدخل زمنا جديداً من عدم اليقين، حيث تتعارض الرغبة في إرساء سلام دائم مع الأهداف الاستراتيجية لكلا طرفي الصراع، مما يضع مصير المدنيين والجهود السياسية في مهب الريح.

 

قوافل المساعدات

 

من جانبه، أكد الباحث في العلاقات الدولية محمد ربيع أنه رغم أن الجهود تتجه لضمان حياة أفضل للشعب الفلسطيني، إلا أن الواقع على الأرض يختلف بعض الشيء في ظل وجود تجاوزات وعرقلة للمساعدات من قبل دولة الاحتلال.

وطالب ربيع فى تصريحات صحفية بضرورة مضاعفة قوافل المساعدات المتجهة للشعب الفلسطينى وزيادة الجهود الدولية لضمان وصولها دون عوائق.

وشدد على ضرورة فتح جميع المعابر لدخول المساعدات، موضحاً أن هناك سبعة معابر تربط دولة الاحتلال بقطاع غزة، ويتحكم فيها الاحتلال بشكل كامل، مما يجعلها الممر الرئيسي والمسئول عن أي عرقلة لوصول المساعدات

 

مأساة الفلسطينيين

 

ووصف ربيع الوضع الإنساني فى قطاع غزة بأنه ما زال صعباً وكارثياً، خاصة مع دخول فصل الشتاء، مشيراً إلى أن دولة الاحتلال تتعمد عرقلة جهود إعادة الإعمار وتوفير المأوى المناسب للفلسطينيين .

وأكد أن الاحتلال يعتبر عرقلة دخول المساعدات طريقة بديلة لتحقيق هدفه في فكرة التهجير، وإبقاء الوضع الإنساني في صورته المأساوية

وشدد ربيع على أن عملية وقف إطلاق النار لم تنهِ مأساة الفلسطينيين، داعياً المجتمع الدولي إلى تكثيف جهوده لـمضاعفة المساعدات وإعادة إعمار شامل للقطاع، الذي يعاني من دمار واسع في قطاعاته التعليمية والصحية والبنية التحتية.

 

جبهات مفتوحة

 

واعتبرت الكاتبة والباحثة السياسية الدكتورة تمارا حداد، إن المرحلة الحالية التي تتسم بـ "اللا سلم واللا حرب"، تعد الخيار الأمثل لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو؛ لأنها تمكنه من تحقيق الهدف الأمني المطلق.  

وأكدت " تمارا حداد" فى تصريحات صحفية، أن نتنياهو لا يريد حسم معادلة الإيقاف النهائي، بل يفضل الإبقاء على جبهات قتال مفتوحة في غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا، ساعياً لإغلاق هذه الملفات بالطريقة التي تحقق له الهدف الاستراتيجي المتمثل في بسط القبضة الأمنية أو الحكم الأمني الشامل على أرض قطاع غزة .

وشددت على أن أي إيقاف نهائي للحرب يعني نهاية حياة نتنياهو السياسية، وهو ما يفسر إصراره على استمرار حالة اللا حسم.

ولفتت " تمارا حداد" إلى أن حركة حماس، فى المقابل تعي تماماً أن أي تسوية أو إيقاف للقتال يستدعي استحقاق المرحلة الثانية المتمثل في نزع سلاحها أو إنهاء حكمها في القطاع. لذلك، فإن حماس هي أيضاً معنية بإبقاء الحالة كما هي، أملاً في أن تحقق إطالة أمد المواجهة بقاءها في الحكم.

 

التهجير

 

وكشفت أن المؤشرات الميدانية والعقلية الأمنية الصهيونية لا تظهر أي بوادر لتعزيز حكم فلسطيني، بل تهدف إلى إعادة السيطرة المطلقة على قطاع غزة والضفة الغربية، من منطلق فرض السيادة الذي يساوي في مفهومه التهجير، وتقليل الديموغرافيا الفلسطينية.

وأوضحت " تمارا حداد" أن الخوف الأكبر يكمن في تقليل مقومات الحياة في القطاع، خاصة مع غياب بوادر إعادة الإعمار، ويعود ذلك لعدة معرقلات أهمها اشتراط نزع سلاح حماس وغياب التوافق على إدخال قوات دولية، التي ترى بعض الأطراف أنها تستهدف نزع سلاح الفصائل بدلاً من تعزيز الهوية الفلسطينية.

وحذرت من أن المستقبل القادم سيشهد عودة للسيطرة الصهيونية المطلقة وفرض وقائع جديدة تشمل إنشاء مناطق عازلة وتقسيم القطاع إلى تجمعات سكانية، واستمرار سياسة الاغتيالات والتضييق الإنساني والعسكري.