أثار إعلان وزارة الصحة بحكومة الانقلاب عن نيتها تأجير العيادات الخارجية للمستشفيات في الفترة المسائية وطرحها لشباب الأطباء، انتقادات حادة في الأوساط الطبية، حيث اعتبرها البعض فكرة سيئة، وقال الأطباء : "كان الأولى على حكومة الانقلاب أن تساعد شباب الأطباء في فتح عيادات بشروط سهلة وبسيطة، من خلال إنهاء عراقيل ترخيص العيادات الخاصة وحل المشكلة الأصلية أولا قبل التفكير في تأجير عيادات المستشفيات،
وأكدوا أن التأجير يعني زيادة ساعات العمل يوميا، فبدلا من أن تكون 7 أو 8 ساعات كافية لأن يعيش الطبيب حياة كريمة وراتبه في هذه الفترة يكفيه، فإن حكومة الانقلاب تطلب من شباب الأطباء أن يضاعفوا ساعات العمل، وهذا تدمير للثروة البشرية الطبية.
وأوضح الأطباء أن تحسين أحوال الطبيب لن يكون بتأجير العيادات، وإنما بتحسين بيئة العمل للطبيب ومنحه راتبا مجزيا، مما يحول دون هجرة الأطباء للخارج.
المؤسسة العلاجية
كان حسام عبد الغفار المتحدث باسم وزارة صحة الانقلاب قد أعلن عن مزايدة لتأجير العيادات الخارجية بـ3 مستشفيات تابعة لـ «المؤسسة العلاجية»، لتعمل في الفترة المسائية، زاعما أن ذلك يدعم شباب الأطباء الذين قد يجدون صعوبة في امتلاك عيادة خاصة، وكذلك للمرضى الذين سيجدون عيادات بالفترة المسائية بأسعار مناسبة.
وقال عبد الغفار في تصريحات صحفية: إن "المستشفيات التي سيتم تأجير العيادات بها تشمل «مبرة المعادي، وهليوبوليس، ومبرة مصر القديمة»، زاعما أن المؤسسة العلاجية تعتمد على التمويل الذاتي منذ تأسيسها عام 1964، ولديها عيادات خارجية تعمل حتى الثالثة عصرا، وتسعى حاليا لمد فترة العمل لفترة مسائية إضافية.
وأشار إلى أن أسعار الخدمات داخل هذه المستشفيات تحددها لوائح مجلس إدارة المؤسسة العلاجية ويصدق عليها وزير صحة الانقلاب، بما يضمن وضوح الآليات وانضباطها وفق تعبيره.
سياسات واضحة
من جانبه انتقد الدكتور أبو بكر القاضي، أمين صندوق نقابة الأطباء، فكرة تأجير المستشفيات أو العيادات مؤكدا أنها سياسة غريبة جدا من وزارة صحة الانقلاب، ولا نعلم كيفية وآلية تنفيذها والضوابط الخاصة بها.
وأضاف «القاضي» في تصريحات صحفية : صحة الانقلاب ليس لديها رؤية واضحة حتى الآن لهذه المسألة، متسائلا هل تجهيز العيادة سيكون على عاتق الطبيب أم المستشفى، وهل سيستخدم أجهزة المستشفى أم لا، وهل سيستعين بالعمالة الموجودة في المستشفى أم سيجلب عمالة خاصة به؟ .
وطالب بضرورة أن يكون هناك سياسات واضحة ومعلنة حول تأجير هذه العيادات وهل تقديم الخدمة سيكون مشروطا بالمؤجر أي الطبيب أم المستشفى، وهل الطبيب هو من سيحدد أسعار الكشف أم المستشفى، وهل سيتم تحميل المريض تكلفة كبيرة أم محدودة، وهل سيكون هناك حد أدنى لسعر الكشف أم سيكون الأمر مفتوحا ؟.
وأشار «القاضي» إلى أن تطوير وتحديث المستشفيات هي مسئولية وزارة صحة الانقلاب وليس أي جهة أخرى؛ لأنها المسئولة عن صحة المصريين وليس المستثمر أو الطبيب المؤجر.
وتابع : إذا كان هذا الطرح سيفيد شباب الأطباء، لكن أين المستشفيات التي ستستوعب هذا الكم الكبير من الخريجين كل عام؟، مشددا على ضرورة وجود رؤية واضحة من البداية تحمي الطبيب من أي بنود قد يفاجأ بها في اللوائح فيما بعد التأجير .
نقابة الأطباء
وكشف «القاضي» أنه لم يتم الرجوع إلى نقابة الأطباء أو التنسيق معها في هذه المسألة، وكان لابد من التنسيق معها، لأنها المختصة بكل ما يتعلق بالأطباء في مصر، والاشتراك في أي مسألة تخص المنظومة الطبية.
وشدد على ضرورة وضع لائحة واضحة بمعايير محددة من أجل حماية الطبيب والمريض معا، مشيرا إلى أنه إذا كانت دولة العسكر تريد مساعدة شباب الأطباء فعلا، فيجب عليها تخفيف أعباء وشروط ترخيص العيادات الخاصة المستحيلة، سواء من حيث الرسوم أو اشتراطات الحماية المدنية التي تصل رسومها إلى 50 ألف جنيه وغيرها، لأن منشآت العلاج الخاص ومنها العيادات تعالج 70% من الشعب المصري.
وأكد أنه كان الأولى على حكومة الانقلاب أن تساعد شباب الأطباء في فتح عيادات بشروط سهلة وبسيطة، من خلال إنهاء عراقيل ترخيص العيادات الخاصة وحل المشكلة الأصلية أولا قبل التفكير في تأجير عيادات المستشفيات.
ساعات العمل
واعتبر الدكتور محمد حسن خليل، منسق لجنة الدفاع عن الحق في الصحة، ما أثير عن خطة وزارة صحة الانقلاب لتأجير العيادات الخارجية للمستشفيات في الفترة المسائية، فكرة في منتهى السوء.
وقال «خليل» في تصريحات صحفية: إن "التأجير يعنى زيادة فترة عمل الأطباء يوميا، فبدلا من أن تكون الـ 7 أو 8 ساعات كافية لأن يعيش الطبيب حياة كريمة وراتبه فى هذه الفترة يكفيه، فإن حكومة الانقلاب تطلب من شباب الأطباء أن يضاعفوا ساعات العمل، وهذا تدمير للثروة البشرية الطبية في مصر".
وأوضح أن زيادة عدد ساعات عمل الأطباء سيؤدي إلى عدم وجود وقت كاف للطبيب لتطوير نفسه علميا أو الراحة أو ممارسة أي نشاط آخر في حياته، لافتا إلى أن ما يقال بأن هذه الخطة لمساعدة شباب الأطباء، يمكن الرد عليه بأن أساس الطب ليس في العيادات، وإنما المستشفيات التي يجب على حكومة الانقلاب تطويرها أولا ومنح الطبيب راتبا جيدا حتى يستطيع أداء عمله بشكل يساهم في تطوير المنظومة الصحية.
مرتب الطبيب
وأشار «خليل» إلى أن مراكز العيادات الشاملة التي كانت تنشئها حكومة الانقلاب تساهم في توفير فرص عمل لشباب الأطباء تغنيهم عن العيادات الخاصة، ولابد من التوسع في هذا النمط، لافتا إلى أن هدف وزارة صحة الانقلاب من هذه الخطة هو زيادة دخل دولة العسكر.
وكشف أن مرتب الطبيب المصري هو الأقل في أفريقيا، ويتواجد داخل مصر ما يتراوح بين 120 إلى 130 ألف طبيب، وفي الخارج نحو 130 إلى 150 ألفا.
وأكد «خليل» أن مصر لديها مدرسة طبية عريقة تقترب من 200 سنة عندما أسس محمد على أول كلية طب في مصر عام 1827، مشددا على أن تحسين أحوال الطبيب لن يكون بتأجير العيادات لشباب الأطباء، وإنما بتحسين بيئة العمل للطبيب في مصر ومنحه راتبا مجزيا مما يمنع زيادة هجرة الأطباء للخارج.
