كتب- حسن الإسكندراني:
أنهت إدارة شئون الحرمين الشريفين، اليوم، مراسم تغيير كسوة الكعبة المشرفة، والتي تجري كل عام في مثل هذا اليوم من كل عام.
وبحسب وكالة الأنباء السعودية "واس"، سيتم استبدال كسوة الكعبة القديمة بأخرى جديدة، بحضور عدد من منسوبي الرئاسة ومصنع كسوة الكعبة المشرفة، ويعود هذا التقليد إلى عصر ما قبل الإسلام؛ حيث تعد كسوة الكعبة المشرفة من أهم مظاهر الاهتمام والتشريف والتبجيل لبيت الله الحرام.
وأوضح الرئيس العام لشؤون الحرمين الشريفين عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، في تصريحات للوكالة، أن الجهة المختصة في الرئاسة بدأت مراسم تغيير الكسوة الجديد للكعبة فجر اليوم الأحد 9 ذى الحجة، حيث سيتم إنزال الكسوة القديمة وتغييرها بالجديدة التي تمت صناعتها من الحرير الخالص والذهب فى مصنع كسوة الكعبة المشرفة بمكة المكرمة.
وظلت كسوة الكعبة الشريفة من أهم مظاهر التبجيل والتشريف لبيت الله الحرام، ويرتبط تاريخ المسلمين بكسوة الكعبة المشرفة، وصناعتها، والإبداع فيها، وتسابقوا لهذا الشرف العظيم حتى جعلوا يوم تبديلها من كل عام احتفالًا مهيبًا لا نظير له؛ فما قصة هذه الكسوة المشرفة التى برع فى صناعتها أكبر فنانى العالم الإسلامي؟
كسوة الكعبة في العصر الحديث
فى عام 1346 هـ/ 1926م أصدر الملك عبد العزيز آل سعود أمرًا ملكيًّا بتشييد مصنع أم القرى الخاص بصناعة الكسوة الشريفة، وجلب له أبرع الفنيين والعمال المهرة، وفي عام 1382هـ صدر مرسوم بتجديد المصنع، واستمر إنتاجه حتى عام 1977م، وافتتح الملك عبد العزيز مقرًّا جديدًا في أم الجود الذي يؤدي رسالته مواكبًا للتطور العلمي والفني، ويتكون المصنع من ستة أقسام، هي: الحزام والنسيج اليدوي والصباغة والنسيج الآلي والطباعة والستارة الداخلية.
مراحل تصنيع الكسوة المشرفة
تمر كسوة الكعبة المشرفة بعدة مراحل، وهي كالتالي: (1) المرحلة الأولى: مرحلة الصباغة: وهي أولى مراحل إنتاج الثوب بالمصنع؛ حيث يزود قسم الصباغة بأفضل أنواع الحرير الطبيعي في العالم، ويتم تأمينه على هيئة شلل خام عبارة عن خيوط مغطاة بطبقة من الصمغ الطبيعى تسمى سرسين، تجعل لون الحرير يميل إلى الاصفرار، وتزن الشلة حوالي 100 جرام وبطول حوالي 3000 متر تقريبًا وبارتفاع 76سم، وتتم صباغته على مرحلتين.
معلومات وأرقام
يستهلك الثوب الواحد (670) كجم من الحرير الطبيعي، ويبلغ مسطح الثوب (658) مترًا مربعًا، ويتكون من (47) طاقة قماش طول الواحدة (14) مترًا بعرض (95) سنتيمترًا، وتبلغ تكاليف الثوب الواحد للكعبة حوالي 17 مليون ريال سعودي؛ هي تكلفة الخامات وأجور العاملين والإداريين وكل ما يلزم الثوب.
ويبلغ عدد العاملين في إنتاج الكسوة 240 عاملًا وموظفًا وفنيًا وإداريًّا، وتصنع كسوة الكعبة المشرفة من الحرير الطبيعي الخالص المصبوغ باللون الأسود المنقوش عليه بطريقة الجاكار عبارة "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، "الله جل جلاله"، "سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم"، "يا حنان يا منان".
ولقد حظيت مصر بشرف صناعة كسوة الكعبة منذ أيام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، رضي الله عنه؛ حيث كتب إلى عامله في مصر لكى تحاك الكسوة بالقماش المصري المعروف باسم "القباطي" الذي كان يصنع في مدينة الفيوم، وقد تعددت أماكن صناعة الكسوة مع انتقال العاصمة في مصر من مدينة إلى أخرى حتى انتهى الأمر إلى مدينة القاهرة المُعزِّيَّة، بأن تأسست دار كسوة الكعبة بحي "الخرنفش" في القاهرة عام 1233هـ، وهو حي عريق يقع عند التقاء شارع بين السورين وميدان باب الشعرية، وما زالت هذه الدار قائمة حتى الآن، وتحتفظ بآخر كسوة صنعت للكعبة المشرفة داخلها، واستمر العمل في دار الخرنفش حتى عام 1962 ميلادية؛ إذ توقفت مصر عن إرسال كسوة الكعبة لما تولت المملكة العربية السعودية شرف صناعتها.