بين طوابير الغلابة على سيارات بطاطس الداخلية الحرام، وطوابير ضيوف قائد الانقلاب العسكري على مطار شرم الشيخ، للمشاركة فيما يسمى بمنتدى شباب العالم، تظهر ولائم دولة الانقلاب التي تقوم على بطون الغلابة في الترويج لجرائمها وشراء ذمم الضمير العالمي، بمليارات الجنيهات التي سيتم دفعها من جيوب الجائعين من أجل فسحة عبد الفتاح السيسي وسط آلاف الشباب من مختلف الدول.
يبدو المشهد كالتالي: “الشعب يقف في طوابير العبودية والذل عشان كيلو بطاطس !! والسيسي يقوم بعزومة 5000 شاب من مختلف دول العالم !! ليطرح السؤال نفسه ماذا يستفيد الباحثون عن البطاطس من منتدي شباب العالم !!!”.
5000 شاب بـ5000 تذكرة طيران ذهاب وعودة.. 5000 شاب بـ 5000 غرفة فندقية.. 5000× 3وجبات × 7 أيام، فضلا عن الهدايا والتنقلات الداخلية والترفيهات.
مئات الملايين سينفقها عبد الفتاح السيسي ليأخد الصورة المعتادة التي يحبها وهي على دراجته بين دراجات شباب المنتدى “المعزومين” في فرح السيسي، ليرد المشهد في نهايته على عبد الفتاح السيسي ” لماذا نحن فقرا أوي”.
منتدى شباب
هذا ما كشفته صورة الطوابير التي اصطفت في مطار شرم الشيخ الدولى، أول أمس الإثنين، مع بدء استقبال المشاركين فى منتدى شباب العالم، حيث تنطلق فعاليات النسخة الثانية للمنتدى من مدينة شرم الشيخ، في الفترة من 3 إلى 6 نوفمبر.
وشهد المطار على مدار الأيام الماضية عمليات الاستعداد لاستقبال الوفود المشاركة من خلال تزيينه بشعار ولافتات التسويق للمنتدى، وتقدم إدارة المنتدى من خلال الشباب المنظمين له خدمات استقبال المشاركين وإرشادهم وإمدادهم بكافة المعلومات حول المشاركة فى أنشطة المنتدى، بما يكلف الدولة مئات الملايين من الجنيهات للإنفاق علىهذا المؤتمر.
ويستمر توافد الشباب المشاركين فى المنتدى الذين يصل عددهم إلى أكثر من 5000 شاب وشابة من 160 دولة، على دفعات حتى اليوم الأربعاء 31 أكتوبر 2018، استعدادا لانطلاق “زفة السيسي”، التي جاءت تحت عنوان (أجندة 2063: أفريقيا التى نريدها، وتمكين الأشخاص ذوى الإعاقة.. نحو عالم متكامل).
ويقام منتدى شباب العالم تحت رعاية الأموال التي استولى عليها عبد الفتاح السيسي، ويعتبره حدث سنوى عالمى يقام بمدينة شرم الشيخ، بمصر فى الفترة من (3-6 نوفمبر 2018)، للمرة الثانية على التوالي، بعد أن انطلق المنتدى في عامه الأول 2017 بعد دعوة عدد من شباب السيسي؛ ليكونوا بجانب شباب العالم في زفة السيسي.
2000 ضابط وفرد أمن
وأكد مصدر أمني – رفض ذكر اسمه – أنه جرى الاستعانة بنحو 2000 ضابط وفرد أمن من كل القطاعات المختلفة لتأمين المنتدى.
كما أضاف أن أجهزة الأمن تسلمت بالفعل مقرات الوفود المشاركة ومسحها بالكامل والتأكد من تفعيل جميع كاميرات المراقبة التي توجد داخل الفنادق وخارجها وأجهزة التعقيم الخاصة بالحقائب والسياح، وجرى تعقيم كل الفنادق والمنتجعات التي سوف تكون مقرا للوفود، موضحا أن القوات الخاصة بالتعاون مع القوات المسلحة تسلمت قاعة المؤتمرات الجديدة منذ أيام وبدأت بنشر القوات وتحديد أماكن دخول وخروج الرئيس والوفود المشاركة.
ليس الفعالية الأولى
منتدى شباب العالم ليس الفعالية الأولى التي ينظمها السيسي منذ توليه مقاليد الأمور في 2014، حيث سبقها حزمة من المؤتمرات والفعاليات الشبابية الأخرى، والتي أثارت بدورها الجدل حينها خاصة بعد الفشل في تحقيق أي من شعاراتها التي رُفعت.
في 25 من أكتوبر 2016 عقد مؤتمر الشباب في مدينة شرم الشيخ تحت شعار “ابدع.. انطلق” بمرحلتيه الأولى والثانية، بمشاركة قرابة نحو 3 آلاف شاب، وحضور أكثر من 300 شخصية عامة وخبراء متخصصين كمتحدثين ومشاركين ومديرين للجلسات، وذلك على مدار ثلاثة أيام في الفترة من 25-28 من أكتوبر 2016.
وفي 27 من يناير 2017 انطلقت فعاليات المؤتمر الوطني الثاني بمدينة أسوان (صعيد مصر) استمر لمدة يومين، بمشاركة 1300 شاب، وبحضور شريف إسماعيل رئيس الوزراء وقتها، وأكثر من 23 وزيرًا و17 رئيس حزب، في مدينة أسوان بصعيد مصر، تحت رئاسة قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي.
وفي 24 من يوليو 2017 كانت فعاليات مؤتمر الشباب الرابع والذي عقد بمدينة الإسكندرية بمشاركة 1300 شاب من مختلف المحافظات، خرج هو الآخر بحزمة من التوصيات لم تختلف كثيرًا عن تلك التي خرج بها المؤتمر الأول.
الدجل السياسي
وتمارس سلطة الانقلاب حالة من الدجل السياسي من خلال هذه الفعاليات، خاصة وأن مثل هذه المؤتمرات لن تجدي نفعًا ولن تكون فرصة لتحسين صورة مصر بالخارج، في الوقت الذي لا يسمح فيه بفتح المجال للرأي اﻵخر وآخرها حجب العديد من المواقع الإلكترونية “، علمًا بأن هناك ما يزيد على 450 موقعًا إلكترونيًا حجبوا، فضلاً عن غلق عدد من الصحف والقنوات التليفزيونية وتوقيف عدد من الصحفيين والإعلاميين.
ويقول خبراء اقتصاد إن دولة الانقلاب كان يمكنها بدلاً من المؤتمر الكرنفالي الذي تتحمله ميزانية الدولة أن تتصالح مع الشباب والمجتمع كله بالإفراج عن المعتقلين والمحبوسين على ذمة قضايا ملفقة، والتوقف عن اضطهاد الشباب، والعمل على فتح المجال العام أمامهم للمشاركة الحقيقية في صنع مستقبل وطنهم، بدلا من مغازلة العالم ومحاولة تقديم صورة إيجابية عن النظام الحاكم.
ويركز السيسي خلال خطاباته السياسية الخارجية في مثل هذه المنتديات على محور الإرهاب وضرورة مواجهته بشتى السبل، وهو الوتر الذي يرى فيه النظام المصري بوابة العبور نحو الحصول على دعم دولي واكتساب مزيد من الشرعية، حتى لو كان ذلك على حساب القضايا والملفات الأخرى والتي ربما ترتقي في درجة أولوياتها على مسألة الإرهاب.
فقراء ومعتقلون
وكان الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، قد كشف عن وجود 27.8% من السكان في مصر فقراء ولا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية، وسجلت آخر إحصائية للشباب في عام 2012 أن عدد شباب مصر في الفئة العمرية من 18 إلى 29 عامًا يبلغ 19.4 مليون نسمة بما يمثل 23.6% من إجمالي السكان، منهم 51.3% ضمن قائمة الفقراء، بواقع 27% يعانون الفقر، بينما يقترب من خط الفقر نحو 24.3%، فيما بلغ معدل البطالة في 2015 بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 إلى 29 سنة 27.3% من إجمالي قوة العمل.
فضلا عما يقرب من 40 ألف شاب معتقل داخل السجون المصرية بسبب آرائهم السياسية بحسب تقرير منظمة العفو الدولية، فضلاً عن غياب الشباب عن مواقع صنع القرار، مما يتعارض بصورة كبيرة مع شعارات التمكين التي طالما عزف عليها النظام الحاليّ منذ بداية ولايته وحتى الآن.