بالأرقام.. المعلمون والأطباء والمهندسون والعمال أكثر الفئات اعتقالا بمصر

- ‎فيتقارير

كشف تقرير أعده مركز دعم التحول الديمقراطي وحقوق الإنسان أن المعلمين والأطباء والمهندسين والعمال والصحفيين والباحثين وأعضاء هيئة التدريس هم أكثر فئات المجتمع المصري استهدافا من جانب نظام الدكتاتور عبدالفتاح السيسي. التقرير الذي أعده المركز جاء تحت عنوان « وقائع القبض والاستيقاف على خلفية سياسية خلال عام 2020م»، حيث رصد اعتقال "8802" مصريا خلال سنة 2020م فقط، بينهم عشرات النساء. وأشار المركز إلى أن هذه الأعداء رغم ضخامتها لا تعد إجمالي أعداد المحبوسين أو المقبوض عليهم وإنما هو إجمالي ما أمكن حصره وتوثيقه فقط، من خلال عدة مصادر رسمية وأهلية وإعلامية.
ويؤكد التقرير أنه رغم الانتقادات الدولية المتزايد لانتهاكات حقوق الإنسان في مصر إلا أن نظام السيسي واصل نهجه باعتقال آلاف المواطنين دون اكتراث لهذه الانتقادات الدولية حيث جرى الزج بالآلاف في السجون والمعتقلات دون محاكمات.
بحسب التقرير امتدت الاعتقالات إلى جميع محافظات الجمهورية باستثناء سيناء، في إشارة إلى حالة التعتيم الإعلامي المفروض من جانب سلطات الانقلاب على كل ما يجري فيها من مواجهات مسلحة وانتهاكات مروعة لحقوق الإنسان. وأن عدد من عُرضوا على نيابة أمن الدولة العليا 5505 مواطنين بنسبة 61.4 بالمئة من إجمالي من تم حصرهم، من بينهم 110 إناث. وذكر التقرير أنه تم تسجيل 735 قرار إخلاء سبيل نهائي وإخلاء سبيل 199 محبوسا بتدابير احترازية ولم يحل إلى المحاكمة الموضوعية سوى 3 محبوسين فقط.
وتعزو الناشطة هبة حسن، مديرة التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، أسباب استمرار النظام العسكري في نهج الاعتقالات وتلفيق التهم وتجاهل النداءات الدولية إلى تواطؤ المجتمع الدولي مع النظام الديكتاتوري في مصر، وفسرت ذلك بأن المجتمع الدولي لا يزال حتى اليوم يكتفي بالانتقادات والتصريحات دون ترجمة ذلك إلى إجراءات عقابية من شأنها منع النظام من مواصلة الانتهاكات بكافة أشكالها ضد الإنسان. واستنكرت قيام حكومات غربية بمد النظام العسكري في مصر بالمعونات والأسلحة وأجهزة التنصت الذي يستخدمها في تكريس دولة الخوف. وترى أن إطلاق النظام سراح عدد محدود من الصحفيين تمثل إجراء شكليا يستهدف به تخفيف حدة الانتقادات الدولية والزعم بوجود نظام قضائي نزيه وأن من لا يدانون يتم الإفراج عنهم دون النظر إلى أن هؤلاء قضوا سنوات طويلة داخل السجون والمعتقلات بلا سبب أو محاكمات عادلة.

ويرى المحلل السياسي فرانسيسكو سيرانو أن السيسي يكرر نفس أخطاء الرئيس الأسبق حسني مبارك ويفتح الباب بإجراءاته القمعية لثورة قادمة. وفي مقاله الذي نشرته صحيفة "فورين بوليسي" في فبراير 2021م يؤكد أن السيسي تعلّم الدرس الخطأ من حسني مبارك، ذلك أن القمع الوحشي يزيد من درجة الغليان للانتفاضة التالية. وأشار إلى أن السيسي الذي حكم مصر منذ انقلابه عام 2013 على الرئيس المنتخب محمد مرسي، يبدو كتلميذ لمبارك الذي حكم مصر مدة ثلاثين عاما وانتهى حكمه بعد سنوات من الشلل السياسي والحنق الاقتصادي في انتفاضة عام 2011، والتي أطاحت به في 18 يوما.
وأضاف أنه بالنظر لمستوى العنف الذي يمارسه السيسي ضد المصريين في السنوات الماضية، يبدو أن أكبر مخاوفه هي عودة المتظاهرين مرة أخرى إلى الشوارع. مشيرا إلى أن السيسي مثل مبارك كلاهما كان نتاجا للجيش الذي كانت انتفاضة عام 2011، والفترة الديمقراطية المضطربة مجرد انقطاع قصير للحكم العسكري الطويل لمصر وشعبها. وتعلم الجيش جيدا في فترة حكم مبارك الحفاظ على ذلك الحكم. ورغم حكمه المستبد، إلا أن مبارك ترك بعض المساحات للسيطرة على أشكال المعارضة. ولم يرحب مبارك بأي من المعارضة التي تعرض سيطرته للحكم، فيما قامت أجهزته الأمنية بتعذيب المشتبه بهم والتحرش بالمواطنين. ولكن نظام مبارك فهم رغم غياب الرؤية السياسية أهمية وجود صمامات ضغط.
وبحسب فورين بوليسي فقد كانت الأصوات المعارضة مفيدة لنظام مبارك طالما لم تستهدف النظام أو الرئيس مباشرة ولم تعرّض حكمه للخطر. وفي الوقت نفسه فرصة لمنح صورة عن السياسة الوطنية المغلفة بغلاف التعددية، وهذه الطبقة الرقيقة هي التي سمحت للرئيس البقاء في الحكم لعقود. لكن السيسي حد من كل أشكال الخطاب العام والمعارضة، على اعتقاد أن هذه الأشكال مهما كان حجمها كانت الخطأ الفادح الذي ارتكبه مبارك. واختار الحاكم الديكتاتوري الحالي لمصر طريقا آخر، وهو محو أي مساحة للنقاش العام.
ويذهب التقرير إلى أنه من خلال استخدام القدرات الكاملة لقوات الأمن وأجهزتها، يبدو أنه ماض في خلق مجتمع غير مسيس. لافتا إلى أن حملات القمع بدأت بالإخوان المسلمين وأنصارهم وسرعان ما امتدت إلى جميع فئات الشعب المصري من علمانيين ونشطاء وعاملين في مجال حقوق الإنسان وفنانين وأكاديميين وحتى الناشطين غير السياسيين على منصات التواصل الاجتماعي، والخائفين من قول أي شيء يعتبر معارضة للنظام. بل وشن النظام حربا ضد الأطباء المصريين الذين يحتاج إليهم لمواجهة كوفيد-19.
وتتهم فورين بوليسي السيسي بحقن الخطاب العام بحقنة متطرفة من القومية، وعادة ما يظهر هذا الشكل بطريقة شرسة من الطريقة التي تروج فيها الحكومة وأنصارها لإنجازات السيسي أو الطريقة التي تهاجم فيها من تعتبرهم أعداء له. وربط السيسي الولاء له ولنظامه بالولاء لمصر. ووفقا لمنطق السيسي ونظامه فإن من يشكون من سوء الأوضاع والرواتب المتدنية الخدمات الحكومية الفقيرة وتدهور القطاع الصحي فكلهم أعداء لمصر ويجب قمعهم بناء على رؤية السيسي.