رسالة إلى البنات

- ‎فيمقالات

فشتْ بين النساءِ، خصوصًا الفتيات الصغيرات، ظواهر غريبة تخالف سمتَ وشخصيةَ المرأة المسلمة، تتعلق باللباس والهيئة والسلوك، وتُخرِج إحداهنّ من حيائها وفطرتها التى فطرها الله عليها؛ فبعضهنّ يلبسن من الثياب: اللاصق والماسك والواصف، والمقطّع والمرقّع والمبقّع، والمطاط واللامع، والساقط والواقع إلخ.

وهناك أخريات ذوات أصوات عالية، فى وسائل المواصلات ومحالّ العمل والتسوّق، يجلسن أحيانًا على هيئات مزرية، ويختلطن بالرجال ويزاحمنهم دون داعٍ، ويحادثنَ الأغراب والمارّين، ويأكلن ويشربن فى الطرق العامة، وهناك من يترددن على المقاهى و«الكافيهات» المغلقة ومعلوم ما يترتب على ذلك، فضلًا عن الألفاظ القبيحة والسباب البذىء الذى تنافس فيه بعض البنات أشرار الرجال، وكلاهما منهىٌّ عن ذلك. ناهيك عن بذل العطور الفواحة والزينة المبهرجة والألوان الصارخة اللافتة.

والشرح يطول، والأخبار صعبة على الحصر، لكن يكفينا نظرة على وسائل التواصل الاجتماعى لوصف حال طائفة من بنات المسلمين اللاتى غرّتهن تلك الوسائل، وغاب عنهن الرقيب، فظهرن عاريات إلا ما يستر عوراتهنّ، وأتين بالفواحش «الافتراضية» التى لا تقل أثرًا وخطرًا عن الفواحش الحقيقية، فبعنَ كرامتهنّ وشوهنَ سمعتهنّ لقاء متع مادية رخيصة، وقد فضحن أهلهنّ، وقلدن الرذيلات فى سلوكهن وقذارتهن، ووقعنَ -من ثَمَّ- فى محظور الفتنة وإشاعة الفاحشة بين الذين آمنوا.

يا ابنة الإسلام! لا تقلدى الأخريات فترخِّصى بذلك ذاتك وتنصبى جسدك مرمى لنظرات الرجال فيطمع الذى فى قلبه مرض، بل كونى كما أرادك الله: ذات شخصية، كريمة، مبجّلة، حيية، محتشمة، ورعة، صابرة على طاعة الله؛ ولا تكونى فتنة للرجال، كاسية عارية، خانعة متنازلة؛ (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا) [النساء: 27]، واعلمى أن جمال المرأة فى حيائها وعفتها وصوْن كرامتها، وقبحها فى ابتذالها وجرأتها وترخُّصها (إن الحياء من الإيمان فاتخذى… منه حُليّكِ يا أختاه واحتجبى؛ ويا لقبح فتاة لا حياء لها… وإن تحلّت بغالى الماس والذهب).
 
إنه لا يُعذر الآن أحدٌ بجهله، ولا يخفى على امرأة، صغرت أم كبرت، فرضية الحجاب ومواصفات الزى الشرعى للمرأة المسلمة، والنهى عن تبرج الجاهلية وعُرى غير المسلمات، وأن يكون هذا اللباس فضفاضًا يستر جميع البدن عدا الوجه والكفين، وألا يكون مخالفًا للأعراف أو شبيهًا بملابس الرجال، وألا يشفّ أو يصف؛ (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) [الأحزاب: 59]، (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ… الآية) [النور: 31]، «يا أسماء! إن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يُرى منها إلا هذا وذاك -وأشار إلى وجهه وكفيه». وهذا فرضٌ لا خيارَ فيه؛ (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا) [الأحزاب: 36].

لقد ألزم الإسلام المرأة الحجاب لأنها فتنة الرجل؛ ولأن غريزة التبرج وإظهار الزينة من أحبِّ الأشياء إلى قلبها، فهى راغبة بفطرتها فى إظهار محاسنها، والرجل بطبيعته ميالٌ إليها منجذبٌ لها. وإنّ الإسلام عندما يفعل ذلك إنما يحمى مجتمعاته من الظواهر والفتن التى تكتوى المجتمعات الأخرى بنارها، راغبًا فى ألا تعود المرأة إلى عهد الرقيق اللاتى كنَّ يعرضنَّ مفاتنهنَّ فى أسواق النخاسة، وهو يحميها أيضًا من الوقوع فى أيدى الذئاب الذين يتربصون بفرائسهم ليفتكوا بها.