نظام يبيع الوهم للمصريين.. ويدمن الغرق في الديون
في مشهد يعكس التناقض الصارخ بين الأقوال والأفعال، رفع نظام المنقلب السفيه عبد الفتاح السيسي مستهدف الاقتراض المحلي إلى 845 مليار جنيه خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول 2025، بزيادة عن 833 ملياراً في سبتمبر الماضي، رغم أن السيسي زعم قبل أيام فقط أن رفع أسعار الوقود جاء "لوقف الاقتراض الداخلي والخارجي.
هذا القرار الجديد كشف بوضوح حجم التدليس والخداع الرسمي الذي تمارسه السلطة بحق المصريين، بعدما برر المنقلب قرارات رفع الأسعار بأنها خطوة "لتحقيق الانضباط المالي"، بينما تؤكد الأرقام أن الاقتراض ما زال يتصاعد بوتيرة خطيرة.
اقتراض محلي متزايد رغم الوعود بحسب مصدر حكومي نقلت عنه نشرة إنتربرايز الاقتصادية، فإن وزارة المالية رفعت مستهدف الاقتراض المحلي إلى 845 مليار جنيه (نحو 17.8 مليار دولار)، موضحاً أن الطلب على أدوات الدين المحلية من البنوك المصرية تجاوز الطلب من المستثمرين الأجانب، مدفوعاً بما تسميه الحكومة "تحسناً في سعر الصرف والمشهد الاقتصادي".
لكن الواقع أن هذه القفزة تأتي في ظل تراجع عالمي لأسعار البترول إلى ما دون 70 دولاراً للبرميل، ما كان يفترض أن يخفف الأعباء لا أن يزيدها، إلا أن النظام اختار استخفاف الشعب مجدداً برفع الأسعار، بينما يغرقه أكثر في دوامة القروض. – أذون خزانة بعائد خرافي، وبحسب بيانات البنك المركزي، باع النظام الأسبوع الماضي أذون خزانة بقيمة 228.4 مليار جنيه، بزيادة تقارب 30% عن المستهدف، وبعائد تراوح بين 25.59% و26.79%، وهو من أعلى معدلات العائد في العالم، ما يعكس استنزافاً حاداً للسيولة المحلية وارتفاع تكلفة خدمة الدين.
وتستهدف وزارة المالية من هذه الإصدارات إطالة متوسط أجل الدين العام، الذي تجاوز 85% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي الماضي، رغم الوعود بخفضه إلى أقل من 75% خلال ثلاث سنوات .
ديون وصكوك تحت مسمى "الإصلاح"
في الوقت ذاته، تستعد الحكومة لإصدار أول صكوك سيادية محلية بقيمة 3 مليارات جنيه ضمن برنامج مستهدف قيمته 50 ملياراً، في خطوة وصفها مراقبون بأنها بحث محموم عن أي أداة للاقتراض بعد انسداد قنوات التمويل الخارجية واشتراطات صندوق النقد الدولي القاسية.
وتبلغ فجوة التمويل الحالية 3.6 تريليونات جنيه، وتخطط وزارة المالية لتغطيتها عبر طرح أدوات دين جديدة بقيمة 3.2 تريليونات جنيه، منها 2.2 تريليون في أذون خزانة وقرابة تريليون في سندات خزانة.
وعود جوفاء وواقع مفلس
في الوقت الذي يتحدث فيه وزير المالية أحمد كجوك من جنيف عن "تحويل الديون إلى فرص للتنمية"، تكشف الأرقام أن الاقتراض المحلي يغطي نحو 96% من الديون الجديدة، ما يعني أن الحكومة تمول نفسها من جيوب المصريين ومدخراتهم، بينما تواصل بيع الأوهام عن "الإصلاح المالي" و"خفض الدين".
ويرى مراقبون أن النظام يستخدم خطاب الإصلاح لتبرير الجباية، بينما الحقيقة أن كل قرار اقتصادي يخدم استمرار قبضته الأمنية والسياسية، لا تحسين معيشة المواطنين أو وقف التدهور المالي.
الجنيه إلى الهاوية
توقع استطلاع لوكالة رويترز أن يواصل الجنيه المصري انهياره ليصل إلى نحو 50 جنيهاً مقابل الدولار منتصف 2026، ثم 52 في 2027، و54 في 2028، رغم مزاعم "التعافي".
وفي المقابل، لا تزال معدلات الفقر والتضخم والبطالة عند مستويات قياسية، وسط غياب أي رؤية تنموية حقيقية، سوى المزيد من الديون والمهرجانات والمشروعات الوهمية.
تدليس السيسي
بينما يبرر السيسي رفع أسعار الوقود بأنه لوقف الاقتراض، تواصل حكومته الاقتراض بأرقام فلكية، لتتسع الهوة بين كلام المنقلب وواقع المصريين الذين يزداد فقرهم يوماً بعد يوم.
فلا توقف للاقتراض، ولا انخفاض للأسعار، بل نظام يبيع الوهم تحت شعار "الإصلاح" ويغرق البلاد في بحر من الديون.