السيسي يجبر القضاة على الانتقال لعاصمته.. إهدار العدالة والمال

- ‎فيتقارير

كشف تقرير صحفي أن نظام الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي يضع عينه على المحاكم والهيئات القضائية بوسط القاهرة، من أجل بيعها بمليارات الجنيهات، والاستفادة بأموالها، في بناء واستكمال العاصمة الإدارية التي أفقر البلاد من خلالها بكثرة الديون الداخلية والخارجية، لنقل محاسيبه ومؤيديه من رجال الأعمال والفنانين ولاعبي كرة القدم والمشاهير إليها.

وأكد التقرير أن النظام يمارس ضغوطا على الهيئات القضائية المختلفة للانتقال إلى العاصمة الإدارية الجديدة وترك المقار الرئيسية لتلك الهيئات في القاهرة، وتقديم خطة واضحة لكيفية التعامل مع جمهور المتقاضين وكيفية استغلال المباني الحالية.

وقال التقرير المنشور على صحيفة “العربي الجديد”: إن السيسي يرغب في إنشاء مدينة متكاملة للقضاء في العاصمة الجديدة، تضم دورًا لمحكمة النقض ومحاكم الجنايات والنيابة العامة ومجلس الدولة والنيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة، فضلاً عن إنشاء مبنى جديد للمحكمة الدستورية العليا في موقع خاص قريب من المقار الرئاسية والعسكرية في العاصمة الجديدة.

وأوضح أن هناك حالة رفض من قبل أعضاء المجالس العليا للهيئات القضائية، وعلى رأسها مجلس القضاء الأعلى، من فكرة ترك القاهرة إلى ضواحي بعيدة عن قلب العاصمة الحالية، إلا أن ضغوط السيسي وضعتهم بين مطرقة وسندان، بعد أن وصل إليهم أن هذه تعليمات عليا ولا نقاش فيها.

ونقلت الصحيفة عن مصدر قضائي أن مشروع مدينة القضاء في العاصمة الإدارية الجديدة سينفذ بنسبة 100%، لكن المشكلة في قابلية المشروع للنجاح، وعدم وجود تصور لما يمكن فعله في تلك الدور الجديدة النائية عن العمران والمواصلات.

الهيئة الهندسية

وأضاف المصدر أن السيسي كلف الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة بوضع تصور لهذه المدينة، وكيفية الاستفادة من أراضي المحاكم والهيئات القضائية بوسط المدينة، كما كلفه ببناء والإشراف على إنشاء مدينة القضاء في العاصمة الجديدة، وتتم من دون مراجعة إدارات الهيئات القضائية إلا في أضيق الحدود، موضحا أنه تم عرض عدد محدود من التصميمات على كل رئيس هيئة، وبعد اختيار التصميم بدأت عملية التنفيذ بإشراف كامل من الرئاسة والمخابرات العامة ووزارة الدفاع، وتمت مراجعة الهيئات في بعض التصميمات الداخلية بشأن قاعات الجلسات واشتراطاتها الفنية.

وأشار إلى أن الأمر نفسه حدث بالنسبة للمحكمة الدستورية التي سيتمتع المبنى الخاص بها بضخامة استثنائية بالنسبة لباقي الدور، بالإضافة لقربه من البرلمان والرئاسة ومبنى وزارة الدفاع ومجمّع السفارات الجديد الذي لم يتم إنشاء وحداته حتى الآن في انتظار موافقة الدول الأجنبية على نقل سفاراتها من القاهرة أو إنشاء ملحقيات لها.

وأوضح المصدر أن هناك العديد من المشاكل التي تواجه الهيئات القضائية، أولها من الناحية العملية لن تتمكن المحاكم من عقد جلسات محاكمة في العاصمة الجديدة، لأن المحاكمات يشترط أن تكون علنية، والعاصمة الجديدة ستُبنى بشكل “مجمّع عمراني مغلق” لن يُسمح بدخوله لأي شخص، الأمر الذي يمنع انعقاد المحاكمات فيه عملياً، فضلاً عن تكبّد الشرطة تكاليف مالية ضخمة في نقل المتهمين من السجون إلى العاصمة الجديدة.

المال العام

وهو ما اعتبره المصدر إهدارا للمال العام، في إنشاء مقرات حديثة تفتقد للعدالة والتيسير في القيام بإنجاز ما تسعى إليه الهذه العدالة.

وأضاف أن المشكلة الثانية هي أن المتقاضين لن يستطيعوا التردد على الهيئات القضائية للسبب السابق نفسه، حتى وإن لم يكونوا متهمين، خصوصاً بعد فشل تجربة مقر النيابة العامة الجديد في القاهرة الجديدة في تحقيق التواصل مع المواطنين الذين يتوافدون حاملين شكاواهم وبلاغاتهم من دون أن يتمكنوا من مقابلة أي مسؤول، وهو ما تسبّب فقط في فرض مزيد من العزلة على أعضاء النيابة العامة بحجة توفير الحماية الأمنية لهم، مقابل تعطل البلاغات وتأخر الرد على المواطنين.

وقال إن المشكلة الثالثة هي أن ابتعاد إدارات الهيئات القضائية عن جموع القضاة، سيتسبّب في ضعف التواصل ويثير حفيظة رؤساء المحاكم، وهذا قائم بالنسبة للمقترحات المتداولة في أوساط وزارة العدل بنقل انعقاد المجلس الأعلى للقضاء والمجلس الخاص لمجلس الدولة والمجلسين العاليين للنيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة فقط إلى مدينة القضاء الجديدة، وترك المباني الحالية لجموع القضاة وانعقاد دوائر المحاكم، مما ينطوي على تمييز غير محبب للقضاة الذين كان يسهل عليهم دائماً التواصل مع المجالس العليا الخاصة بهم والتي تدير شؤونهم.

محكمة النقض

في حين تأتي المشكلة الرابعة خاصة بمحكمة النقض، فالمنصوص عليه في اللوائح الداخلية للمحكمة أن تنعقد كل الدوائر في القاهرة، وليس في أي مكان آخر، على الرغم مما يترتب على ذلك من تعطيل لسير القضايا لعدم انعقاد الدائرة إلا مرة واحدة كل شهر. وإذا انتقلت بعض الدوائر بالفعل إلى العاصمة الجديدة، فسيفتح هذا باب التشكيك في أحكام تلك الدوائر، لأنها مكانياً لم تعد في القاهرة، وبالتالي ستكون أحكامها عرضة للطعون.

أما المشكلة الخامسة التي ينبغي حلها لإزالة عقبة دستورية، فهي تتعلق بالمحكمة الدستورية العليا وحدها، وتتمثّل في أن المادة 191 من الدستور تنصّ على أن مقر المحكمة مدينة القاهرة، ولذلك فلا أحد يعرف كيف ستنعقد المحكمة في العاصمة الإدارية الجديدة، إلا إذا كانت العاصمة تابعة إداريا للقاهرة، وهذا لن يحدث في ظل تداول معلومات عن استحداث محافظة لها، وبالتالي سيصعب انعقاد المحكمة فيها من دون تعديل دستوري لهذه المادة تحديدا.

وأشار المصدر إلى أن هناك حلا “متحايلا” يمكن استخدامه ولكن بشكل مؤقت استنادا إلى نص في المادة ذاتها، يجيز للمحكمة الدستورية في حالة الضرورة انعقادها في أي مكان آخر داخل البلاد بموافقة الجمعية العامة للمحكمة، ولكن يصعب التحجج بأن هناك حالة ضرورة دائمة تستدعي انعقاد المحكمة بعيدًا عن مقرها الرئيسي في المعادي، جنوب القاهرة.

شركة مشهرة

وتشرف القوات المسلحة على العاصمة الإدارية الجديدة بالكامل، إذ تدير المشروع شركة مشهرة بين الجيش ووزارة الإسكان ممثلة في هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وسيتم بيع الأراضي والعقارات الخاصة بالوزارات والهيئات التي ستنتقل إلى العاصمة الإدارية الجديدة، وستحدد الحكومة أولوية استثمارها والاستفادة منها ماليا بالبيع أو الإيجار، وسيتم نقل الدواوين القائمة فيها إلى العاصمة الإدارية فورا.

ومن الوزارات المرشحة بقوة لتكون عقاراتها من هذا النوع: وزارة الصحة التي يقع ديوانها إلى جانب مقر مجلس الوزراء في مواجهة مجلس النواب، وتطل على شارعي مجلس الشعب والفلكي، ووزارتا التموين والتعليم العالي ومركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في شارع قصر العيني، ووزارة التعليم في شارع صفية زغلول، ووزارتا الإنتاج الحربي والإسكان في شارع سليمان أباظة.