ثورة بدواوين الحكومة بسبب “التسريح” و”العلاوة”

- ‎فيتقارير

وعد قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، المصريين بمزيد من الفقر، وإلغاء العلاوة السنوية من أجل بناء 250 ألف فصل مدرسي بتكلفة 130 مليار جنيه، وذلك خلال منتدى شباب العالم الذي أنفق عليه مئات الملايين من الدولارات، على شباب قادمين من الخارج جاءوا خصيصًا للاستماع لرؤية السيسي الفلسفية، خاصة وأنه يعتبر نفسه طبيب فلاسفة العالم.

بعدها بيومين يخرج إعلامي الانقلاب عمرو أديب بصحبة الممثل محمد هنيدي، في مطعم صبحي الشهير، وأمامه طواجن اللحوم والدواجن والبط والمحاشي، وما لذّ وطاب من اللحوم الطازجة، في حالة تشبه ما يكون بكيد النساء من قبل إعلامي الانقلاب للفقراء، الذين لا يجدون أقوات يومهم، مقابل استمتاع مليشيات وأفراد الانقلاب العسكري بثرواتهم.

لتكون المعادلة التي يفرضها السيسي على الغلابة هي “جوعوا من أجل مصر”، ومصر هي عبد الفتاح السيسي ورجاله وقادة جيشه فقط.

ومع أول تعليق شعبي من قبل الموظفين على إعلان عبد الفتاح السيسي إلغاء العلاوة الدورية، سادت حالة من الغضب في الشارع المصري، وداخل الجهاز الإداري للعاملين بالدولة بسبب القرار؛ بزعم توجيه تلك الأموال إلى بناء مدارس جديدة لمواجهة زيادة عدد المقبولين سنويا.

العلاوة السنوية

وزعم السيسي أن مصر في حاجة إلى توفير 250 ألف فصل دراسي بتكلفة تقدر بـ130 مليار جنيه؛ نظرًا لأن الكثافة الطلابية تزيد بمعدل 700 ألف طالب وطالبة كل عام، قائلًا: “إن التحدي ده كبير لكن الأكبر منه في تقديري إزاي تتم عملية التشغيل”.

وبالرغم من ضعف العلاوة السنوية التي يحصل عليها الموظفون وعدم مناسبتها مع ارتفاع الأسعار الجنونية، تعد العلاوة السنوية لموظفي الدولة من أهم محفزات العمل، ينتظرها الموظف كل عام من أجل زيادة دخله السنوي لمواجهة غلاء الأسعار وارتفاع المعيشة؛ نتيجة الزيادة السنوية التي تقرها الحكومة في أسعار الكهرباء والمياه والوقود، والتي تؤدي بدورها إلى ارتفاع جميع أنواع السلع الغذائية وارتفاع المواصلات والأدوية وغيرها في السوق المصرية.

وتأتي العلاوة تطبيقًا لقانون الخدمة المدنية الذي أقرته حكومة الانقلاب عام 2016، لتكون الزيادة ما بين 7 و10% على الراتب، وذلك مع بداية العام المالي الجديد الذي يبدأ في الأول من يوليو من كل عام، إلا أن البعض يرى أنها غير كافية، كونها لا تغطي تكاليف المعيشة التي يواجهها الموظف في الوقت الحالي، في ظل ارتفاع متطلبات الحياة الأساسية.

الجهاز الإداري للدولة

ونقلت صحيفة “العربي الجديد” عن مصدر مسئول، أن هناك اتجاهًا عامًا داخل الحكومة، للقضاء على الجهاز الإداري للدولة، لاتهامه بأنه يلتهم الموازنة العامة للدولة، وأن الحكومة المصرية تسير بخطوات جادة في ذلك؛ تنفيذًا للبرنامج الاقتصادي الذي وعدت به صندوق النقد الدولي للموافقة على حصول مصر على قرض الـ12 مليار دولار.

ومن أهم بنود هذا البرنامج تخفيض العمالة في القطاع الحكومي للدولة، وهو ما دفع الحكومة إلى الإعلان رسميا عن وقف التعيينات بالجهاز الإداري للدولة.

وقال المسئول، إن مصر حصلت على 8 مليارات دولار من صندوق النقد، وإنها في انتظار الحصول على باقي المبلغ وهو 4 مليارات دولار العام المقبل، وإنها أمام ذلك تحاول جاهدة توصيل رسالة للصندوق بأن مصر ماضية في تنفيذ قراراته.

فيما أكد خبراء أن هذه القرارات كانت- وما زالت- وبالًا على الشارع المصري، وحوّلت الطبقة الوسطى إلى طبقة فقيرة لتزيد شريحة الفقراء في مصر.

 3 ملايين موظف

وأوضح المسئول أن خطة تخفيض موظفي الحكومة، هي أحد محاور البرنامج الاقتصادي الذي قدمته الحكومة لصندوق النقد الدولي من أجل الحصول على القرض مؤخرا، حيث تقوم الخطة على الاستغناء عما يقرب من 3 ملايين موظف بنسبة 50% من عدد العاملين بالدولة خلال السنوات المقبلة، طبقًا لما تضمنته توصيات صندوق النقد الدولي، ويتم حصر من تخطى الخمسين عاما، والبحث عن طريقة قانونية لإجبارهم على الخروج على المعاش.

وشهدت الأيام الماضية إحالة الكثير من الموظفين لـ”الكومسيون الطبي” تمهيدًا لإخراجهم من العمل، وتعرض آخرين لمضايقات إدارية لإجبارهم على الخروج إلى المعاش المبكر.

وقالت الصحيفة إن خطة الحكومة لتخفيض موظفي الجهاز الإداري بالدولة تم تمريرها لـ”الرأي العام” عبر البرلمان الحالي، حيث تجددت المطالب بوقف تعيينات الحكومة بسبب تردي الأحوال الاقتصادية التي تمر بها البلاد.

وطالب النائب حسن السيد، عضو لجنة الشئون الاقتصادية بالبرلمان، الحكومة بسرعة اتخاذ خطوات واضحة للقضاء على زيادة العمالة، وهي عدم تعيين أحد في الفترة الحالية في الحكومة، وفتح المجال أمام المعاش المبكر.

وكذلك تدريب الشباب على الأدوات الحديثة وإعادة تأهيلهم بشكل يتناسب مع الوسائل الحديثة لسد فراغ الخارجين من الجهاز الإداري بالحكومة، وفتح الباب أمام الهجرة الداخلية في الجهاز الإداري في الدولة لسداد الفراغ والنقص بين الوزارات.

القطاع الخاص

وأثار قرار السيسي إلغاء العلاوة الدورية، خلال العام المالي الجديد، أزمة داخل العاملين بالقطاع الخاص، حيث وجدها بعض رجال الأعمال وأصحاب الشركات فرصة إلى عدم المطالبة بالمثل.

وتعززت مخاوف من أن تكون هناك عمليات فصل وتضييق على العاملين بهذا القطاع من قبل المسئولين، في حال غضبهم بعدم معاملتهم مثل القطاع العام.

ونقلت الصحيفة عن مصادر، أن عددا من العاملين بدواوين حكومية فجروا مفاجأة من العيار الثقيل، كاشفين عن تناقص أجورهم بداية من شهر يوليو الماضي، بحجة زيادة نسبة الاستقطاعات الخاصة بمعاشات الأجر الوظيفي، كما اتهم الموظفون وزارة المالية والتخطيط بالوقوف وراء قرار السيسي منع صرف العلاوة المقبلة وتوجيهها إلى بناء المدارس.

ونقلت عن موظفين أنهم غير معنيين بتلك المسألة، وأن الحكومة تقوم بفرض ضرائب شهرية، وتوجيه أموال الضرائب إلى البنية التحتية التي من بينها بناء المدارس، في الوقت الذي أكدوا أن إلغاء العلاوة الدورية غير قانوني، وأن ذلك يأتي تمهيدا لإلغائها نهائيا، وهو ما سيؤدي إلى انتشار الرشوة والفساد والجرائم بأنواعها المختلفة.