1.3 مليون مصري قدموا للهجرة بأمريكا في 2018 وعشرات الآلاف لإسرائيل!

- ‎فيتقارير

.. بسبب الفقر والقمع والبطالة

لم يجد المصريون ملجأ للخروج من النفق المظلم الذي وضعهم فيه قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، وجرائمه التي طالت كل المصريين سواء كانت ضد معارضي الانقلاب العسكري أو المؤيدين له، إلا بالبحث عن الهجرة والخروج من البلاد التي ضاقت بأهلها، حتى إن الخروج من مصر أصبح حلمًا للشباب والكبار معًا.

واتسعت دائرة الهجرة لأول مرة في تاريخ مصر لتشمل دولا معادية، على رأسها الكيان الصهيوني، الذي أصبح من بين الدول التي يبحث عنها المصريون؛ نظرا لتسهيل الكيان هجرة المصريين على وجه الخصوص.

ونتيجة ضيق الحال الذي وصل إليه المصريون، فقد شهد عام 2018 تقديم 1.3 مليون مصري لطلب الهجرة للولايات المتحدة الأمريكية، حيث كشفت الأرقام التفصيلية للمتقدمين لبرنامج الهجرة العشوائية الأمريكية فى ٢٠١٨، تقدم نحو 23 مليونا و88 ألفا و613 شخصا من جميع أنحاء العالم، بزيادة قدرها ٤ ملايين عن عام ٢٠١٧، والذى تقدم خلاله 19 مليونا و344586 شخصا، فى حين بلغ إجمالى المتقدمين عام ٢٠١٦، أكثر من 17 مليونا و573 ألفا.

وكسرت مصر حاجز المليون متقدم للمرة الأولى فى تاريخ البرنامج، حيث تقدم منها خلال العام الماضى نحو مليون و274 ألفا و751 مصريا، مما جعلها تحتل المركز الخامس عالميا فى قائمة أكبر الدول المتقدمة للبرنامج، وذلك بعد أن كان قد تقدم منها 914817 فى ٢٠١٧، و512901 فى ٢٠١٦، و763701 فى ٢٠١٥، و847230 فى ٢٠١٤، و960279 فى ٢٠١٣، و780728 فى ٢٠١٢، و534375 فى ٢٠١١، و642321 فى ٢٠١٠، و648546 فى ٢٠٠٩، و636001 فى ٢٠٠٨، و558424 فى ٢٠٠٧.

كما ارتفعت حصة مصر كذلك من الـ٥٥ ألف تأشيرة، والتى تمنحها الولايات المتحدة سنويًا، ضمن برنامج الهجرة العشوائية، للبلدان التى لا تحظى بنسبة هجرة كبيرة للولايات المتحدة، ففى العامين الماضيين منحت الولايات المتحدة مصر نحو ٤٥٠٠ تأشيرة تقريبًا، بعد أن منحتها 4024 فى ٢٠١٦.

هجرة لإسرائيل

بل إن المصريين وصلوا في عهد الانقلاب إلى تخطي كرامتهم ووطنيتهم بعد أن أثبت السيسي عمالته لإسرائيل، وبدءوا في البحث عن منفذ للهجرة للكيان الصهيوني، لدرجة أن من بينهم من يعمل في وظائف متدنية مثل غسيل السيارات والبناء.

ربما تظن وأنت تقرأ هذه العبارة على صفحة أحد الشباب المصريين بصفحته على فيس بوك “أريد العمل في إسرائيل” أنه يمزح، ولكن سرعان ما تجد الأمر لا يحتمل المزاح وأنه على وجه الحقيقة، فقد وصل ببعض الشباب إلى حد البحث عن فرصهم في دولة الاحتلال بعد معرفتهم بالمواقع والصفحات الإسرائيلية التي تتيح فرص عمل للمصريين. ومن الإعلانات المنشورة كتب أحد اليهود “مطلوب سوري أو مصري عدد ٥ عمال غسيل سيارات براتب ٥٠٠ دولار شهريا.. تأمين ضمان اجتماعي وممكن تصريح عمل من خلال الشركة”، وهناك عمل آخر “مطلوب للعمل بمجال تنظيف بساتين وحدائق عامة، بجانب عمال بناء بـ27 شيكلا في الساعة”. ومعظم فرص العمل المتاحة عبارة عن طلب عمال فقط، وبالرغم من أن معظم الفرص المتاحة عبارة عن أعمال بسيطة إلا أنها تلقى قبول العديد من المصريين.

وما يثير الاستغراب والاستياء هو إقبال بعض المصريين على إعلان يعلن عن طلب عمال للعمل بـ”مزبلة” في تل أبيب، قسم تصنيف الكرتون والبلاستيك، مقابل 28 شيكلا في الساعة مع زيادة بعد ثلاثة أشهر.

ونقلت مجلة الشباب التابعة لإصدارات “الأهرام” الحكومية عن شكري الشاذلي- رئيس الجالية المصرية في إسرائيل- على صفحة الجالية على الفيس بوك، أنه يجب حل أزمة تصاريح العمل والسفر، وخصوصا أن وزارة القوى العاملة لا تمنح تصاريح عمل للعمالة المصرية في إسرائيل؛ لأنها لا تسلك الطرق الشرعية في السفر والعمل.

وأكد الشاذلي، أن جهاز الأمن الوطني لا يسمح للمصريين بالسفر لإسرائيل ولا يوافق على منحهم تصاريح سفر، إذ يجب الحصول على الموافقة الأمنية قبل السفر، وأكد في تصريحات له أن المصريين في إسرائيل يتركزون في كل المدن لكنهم بكثرة في تل أبيب والقدس الغربية والناصرة وعكا، ويتراوح عددهم ما بين 4 إلى 5 آلاف مغترب، يعملون في مجالات عدة لكنهم متركزون في قطاع المقاولات.

وكشف تقرير لمجلة “كلكاليست” الإسرائيلية، منذ سنوات، عن أن إسرائيل تتجه إلى العمالة المصرية لتدني أجورها، حيث ذكر مدير عام سلسلة فنادق club hotel والقائم بعمل رئيس اتحاد الفنادق الإسرائيلي “روني فيبكو”، أن هناك فكرة لإحضار عمال من مصر للعمل في فنادق إيلات بدلا من العمال السودانيين، وأكد أن العمال الإسرائيليين غير مستعدين للعمل في الفنادق، بالتأكيد ليس في إيلات، لأنهم يكسبون في مطاعم تل أبيب 50 أو 60 شيكلا في الساعة الواحدة، لذا فهم لن يأتوا إلى إيلات من أجل 21 شيكلا في الساعة.

وأضاف: “فكرت في المصريين.. فهذا شعب يعرف كيف يقدم الخدمة بمستوى عال، وتوجد بطالة كبيرة جدا في مصر، وهناك وزارة خاصة تعمل على تشغيل المصريين خارج مصر، ويوجد 7.5 مليون مصري يعملون خارج مصر، والدولة هناك تشجع ذلك، نحن نحتاج في فنادق إيلات 2000 عامل، في مصر يتقاضون 150 دولارا في الشهر، نحن ملزمون بحسب القانون أن ندفع حدا أدنى بزيادة 20% للعامل الأجنبي، وهذا يعني حوالي 1400 دولار، وهم يمكنهم أن يقبلوا جزءا من هذا المبلغ.. ولا أرى أي مشكلة مع المصريين، هم سيصلون بأتوبيسات من الحدود، وسيعودون في المساء، وكلهم سيكونون راضين، أيضا الفنادق ستقدم خدمات بصورة غير عادية، هم أيضا غير محتاجين لمعرفة اللغة، فتنظيف الغرف لا يحتاج لاتصال مع المواطنين، وأيضا هؤلاء لن يتم استيعابهم في إسرائيل”.

ونقلت مجلة “الشباب” عن محمد يحيي، مصري الجنسية، قوله: “أريد العمل في إسرائيل أو الهجرة إلى أي مكان في العالم أنا كاره العيشة”، وقام محمد السيد القزاز من بورسعيد بوضع السيرة الذاتية له طالبا العمل بإسرائيل، قائلا:” أتمنى أن أعمل سائقا وأنا معي رخصة قيادة درجة ثانية، وأتمنى وظيفة ولله ولى التوفيق، وعندي استعداد للسفر في أي وقت”.

وعبّر شباب مصريون آخرون عن رغبتهم في الهجرة إلى إسرائيل، حيث تلقت صفحة” رابطة المصريين في إسرائيل” طلبات عدد من الشباب الذين يودون السفر والعمل في إسرائيل. ومن هؤلاء شاب اسمه عبد الله صالح الذي كتب “أود الهجرة إلي إسرائيل فأنا طالب بالجامعة المصرية الروسية وأود الالتحاق بجامعة تل أبيب بكلية الهندسة هناك مثلما أنا هنا في كلية الهندسة، ولديّ اختراع أود التقدم به إلى الحكومة الإسرائيلية”.. وترك رقم تليفونه.

بل إن طارق الخولي، وكيل لجنة العلاقات الخارجية في برلمان العسكر، تحدث عن هجرة المصريين لإسرائيل، وقال إن الأمر أصبح واقعًا، فسفر المصريين للعمل في إسرائيل، وسيتم مناقشة هذا الأمر في البرلمان، ولكن بعد دراسة سياسية لكافة أبعاد المشكلة، فإسرائيل تسعى لجذب الشباب العربي وخاصة المصرى، وتقوم بإغرائهم بالمال سعيا منها لتحقيق أطماعها وأهدافها.

انتشار الفقر هو السبب

يعاني أغلب الشعب المصري من الفقر، رغم أنّ الحكومة تحدد خط الفقر في مصر عن طريق حساب متوسط التكلفة السنوية للضرورات الأساسية للشخص البالغ، ووضعت خط الفقر للشخص بأنه 482 جنيها في الشهر.

ومبلغ 482 جنيها الذي تم على أساسه إجراء الإحصاء الأخير في مصر عام 2015 ضئيل جداً، ولا يفي باحتياجات الإنسان الأساسية، بل لا يفي حتى بطعامه فقط في ظل الظروف الحالية التي نتجت عن رفع الأسعار، ورفع الدعم عن كثير من السلع والخدمات، وعلى رأسها وسائل النقل والمواصلات، وهذا المبلغ يزيد قليلاً عما يحتاجه الفرد الواحد لركوب المترو ذهابا وإيابا لمرة واحدة في اليوم، حيث يبلغ سعر تذكرة المترو 7 جنيهات، وباعتبار أنه سيستقل المترو كل يوم فيلزم الفرد 14 جنيها في رحلتي الذهاب والعودة اليومية، وبضرب هذا المبلغ في ثلاثين يوما يكون إجمالي ما يدفعه المواطن لركوب المترو 420 جنيها لركوب وسيلة مواصلات واحدة.

وأيضا فإن هذا المبلغ (482) جنيها يزيد قليلاً على قيمة وجبتين في اليوم الواحد، وأرخص وجبة يمكن الحساب عليها مكونة من 2 سندوتش فول أو طعمية “وهو الطعام السائد لسكان المدن”، وبحساب سعر السندوتش الواحد 4 أو5 جنيهات يكون ما يحتاجه الفرد ثمنا لوجبتين فقط في اليوم، باعتبار أن الوجبة يتراوح ثمنها في أقل تقدير بين 8 أو 10 جنيهات، وبضرب هذا المبلغ في عدد أيام الشهر “30 أو 31 يوماً” يتراوح الإجمالي بين 240 و310 جنيهات.

بل إن المبلغ المقرر في المسح الجديد المقرر الإعلان عنه في العام المقبل 2019 وهو 800 جنيه، يكفي لركوب مواصلة واحدة ذهاباً وإيابا وتناول وجبة واحدة يوميا أو يزيد على ذلك قليلاً، ولذلك يرى الباحث أن تقدير البنك الدولي ”1.9″ دولار كمعدل دخل للفرد الواحد يوميا “هو الأقرب إلى الصواب بسبب رفع الدعم عن معظم السلع والخدمات في مصر وتطابقها أو اقترابها من الأسعار العالمية.

ارتفاع معدلات الفقر

وارتفعت معدلات الفقر في مصر خلال السنوات الخمس الماضية، لتصل إلى 27.8 في المائة في عام 2015، حسب تقديرات اليونيسف والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري.

وأظهرت تلك الإحصائيات أن 30 مليون مصري على الأقل يرزحون تحت خط الفقر المدقع، إضافة إلى ارتفاع عدد العاطلين عن العمل إلى 3.5 مليون مواطن، حسبما أعلن تقرير الأمم المتحدة عام 2017. كما أعلن اليونيسيف عن عشرة ملايين طفل “فقراء متعددي الأبعاد” مما يجعلهم محرومين “من أبعاد الرفاهية الرئيسية التي لها تأثير مباشر على قدرتهم على البقاء والنمو”.

وتؤكد تقارير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وصول نسبة الفقراء تحت خط الفقر إلى 27.8%، بمعدل استهلاك 482 جنيها للفرد في الأسرة حتى يتوفر له 3 احتياجات أساسية هي المسكن والمأكل والملبس، وباعتبار أن متوسط الأسرة في مصر 4.1 فرد فإن الأسرة التي يقل دخلها عن 2000 جنيه شهريا تكون تحت خط الفقر، كاشفا عن وصول نسبة الفقر في محافظات الصعيد إلى أكثر من الـ50%، بينما تبلغ نسبة الفقر بمحافظة أسيوط 66%.

ويتوقع أن يتم رفع خط الفقر إلى 800 جنيه للفرد الواحد في المسح الجديد للتعبئة العامة والإحصاء؛ بسبب زيادة معدلات التضخم والقرارات الاقتصادية الأخيرة كرفع سعر الوقود ورفع الدعم عن العديد من السلع والخدمات، لذلك يتوقع ارتفاع نسبة الفقر إلى 35% على الأقل فى خط الفقر الجديد، وهذا الرقم يقل عن المعدل البنك الدولي البالغ 1024 جنيها طبقا لمتوسط سعر صرف الدولار كما سبق ذكره.

ويلاحظ أن معدلات الفقر السابق ذكرها تقل عن التقديرات السابقة التي تم رصدها من قبل المجالس القومية المتخصصة عام 2009 في مصر والتي ذكرت أن نسبة الفقر في مصر بلغت 46%، وأنها ترتفع بصفة خاصة في النساء والأطفال- الذين لا يحصلون على الطعام الكافي ويعانون من سوء التغذية، وأن 35% من النساء و53% من الأطفال في مصر لا يحصلون على الطعام اللازم، وأضافت التقديرات أن نسبة الفقر تتفاوت ما بين المحافظات الحضرية (6.6%) والمناطق الريفية (41.4%).