أثار غلاف مجلة روز اليوسف جدلا كبيرا في مصر، حيث تصدرته صورة الأنبا رافائيل، أسقف كنائس وسط القاهرة وسكرتير المجمع المقدس السابق، بجوار صورة الدكتور محمد بديع، مرشد جماعة الإخوان المسلمين، وعليها عبارة "الجهل المقدس".
وردا على الغلاف، أصدرت الكنيسة المصرية بيانا استنكرت فيه وضع صورة أحد أساقفتها بجوار أحد خائني الوطن، على حد تعبيرها، في إشارة إلى المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، وهو ما اعتبرته لا يعبر عن حرية التعبير، بل عن إساءة بالغة وتجاوز يجب ألا يمر من دون حساب.
وعلى الفور توالت ردود الفعل، حيث قررت الهيئة الوطنية للصحافة إحالة رئيس تحرير مجلة روز اليوسف للتحقيق، ووقف المحرر المسئول عن الملف القبطي، وتقديم اعتذار للكنيسة، فيما غيرت مجلة روز اليوسف الغلاف ليصدر بصورة الدكتور محمد بديع، مرشد الإخوان فقط، مصحوبة بعبارة الجهل المقدس.
لعب بالنار
وقال الناشط السياسي القبطي أكرم بقطر: إن الكنيسة تربطها بالسلطة علاقات قوية، ومن المعروف أن الجهات الأمنية هي المسيطرة على كل شيء في مصر، ومن بينها علاقات الكنيسة وتصريحاتها، وأيضا على الصحافة والإعلام والفن والرياضة، ومن له علاقة بالجهات الأمنية يستطيع إحداث تحقيق مطالبه، وفي النهاية تسود سياسة خدمة مقابل خدمة.
وأضاف بقطر- في مداخلة هاتفية لبرنامج المسائية على قناة "الجزيرة مباشر"- أن مجلة روز اليوسف ذكرت أنه لا توجد علاقة بين وضع الصورتين على الغلاف، وأوضحت أن ما حدث خطأ مهني؛ لأن الموضوعين منفصلان، مضيفا أن المجلة أرادت إحداث بلبلة لزيادة توزيع أعدادها.
وأوضح بقطر أن أي تدخل للكنيسة في السياسة يضر بها كثيرا ويعد لعبًا بالنار، وكلما تمادت في هذا الأمر غاصت في الوحل وصعب عليها الرجوع إلى الخلف.
مخطط
بدوره قال الكاتب الصحفي محمد منير: إن استمرار بعض الطقوس داخل الكنيسة أمر متداول على صفحات المواقع المصرية منذ فترة، لكن عندما أراد محرر روز اليوسف تناول الموضوع أراد زيادة الجدل بوضع صورة مرشد الإخوان، على الرغم من أنه لا توجد علاقة بين الصورة والموضوع.
وأضاف أن الهيئة الوطنية أصدرت قرارا بشأن ما نُشر، واعتبرته إهانة للكنيسة ويجب الاعتذار عنه، دون توجيه اعتذار لمرشد الإخوان، موضحا أن هذا الموضوع مخطط له؛ بهدف إحداث الفتنة وإلهاء المواطنين عن الكوارث التي تحدث في مصر.
وأوضح منير أن موقف الكنيسة من توجيه اتهام لمرشد جماعة الإخوان أمر مستغرب، واصفا إياه بأنه مجاراة للتيار السياسي، مضيفا أنه في 2009 نشرت روز اليوسف- عندما كان كرم جبر رئيس مجلس إدارتها- صورة على الغلاف للبابا شنودة، وكتبت تحتها 10 أخطاء للبابا شنودة، مع عنوان آخر "الرهبان والشهوة والجنسية"، وكان الهدف من ذلك إثارة الفتنة والبلبلة.
تحريك نار الفتنة
بدوره قال الكاتب الصحفي قطب العربي: إن الواقعة مشينة بحق مجلة روز اليوسف، مضيفا أن الهدف من الموضوع تحريك نار الفتنة من خلال عقد المقارنات بين تعامل النظام العسكري مع الأقباط ومع الإخوان المسلمين، في محاولة لزيادة العداء بين أنصار التيار الإسلامي والكنيسة .
وأضاف العربي أن الهيئة الوطنية للصحافة انتصرت للطائفية ولم تنتصر لحرية الصحافة التي أُنشئت للدفاع عنها، وأخذت قرارات دون أن تستدعي الصحفي أو رئيس التحرير والتحقيق معه، وفرضت على المجلة الاعتذار وتغيير صورة الراهب المسيحي على الرغم من أن صورة الدكتور محمد بديع أقحمت على الموضوع بهدف إحداث توازن مصطنع.
وأوضح العربي أن وصف الكنيسة مرشد الإخوان بـ"الخائن" للوطن يعد لعبًا بالنار، وتجاوزا في دور الكنيسة لأنها أصبحت طرفا سياسيا مباشرا على الرغم من ادّعائها مرارًا وتكرارًا بالبعد عن العمل السياسي، كما أنها تستفز مشاعر ملايين المصريين من أنصار جماعة الإخوان المسلمين.