محاولة تهدئة الرأي العام المرعوب من “السد”.. تحليلات عن أسباب زيارة عباس كامل للسودان

- ‎فيتقارير

زار وزير المخابرات العامة عباس كامل السودان والتقى رئيس المجلس السيادي عبدالفتاح البرهان ورئيس الحكومة عبدالله حمدوك (بشكل معلن) ومحمد حمدان "حميدتي" نائبه في المجلس (بشكل سري) وكان بجعبة عباس كامل ملف أساسي وملفات أخرى فرعية.
وبحسب تحليل منشور قال إن اجتماع حمدوك وكامل تطرّق إلى الخلافات الفنية، وخاصة التصريفات اليومية من سد النهضة إلى سد الروصيرص السوداني، المشيّد بالقرب من الحدود بين البلدين.

وناقش تعريف منحى التشغيل المستمر لسد النهضة، لكونه يؤثر بشكل مباشر في التخطيط المستقبلي لاستخدامات المياه في سد الروصيرص، فضلًا عن الخلاف حول كيفية ملء سد النهضة في المستقبل، وحول التصريفات في سنوات الجفاف الممتد.

وأضافت مصادر لموقع "عربي بوست" أن الاجتماع تعلق بتوقيع اتفاقية ملزمة، وعلاقتها بالاتفاقيات السابقة، وتحديدًا الحصص التاريخية لدول المصب في مياه النيل، بجانب آلية حل النزاعات التي تنشأ عقب توقيع الاتفاق، على أن يكون قرار الوساطة نهائيا وغير قابل للمراجعة، بدلًا من رفع النزاعات إلى رؤساء الدول الثلاث الذي تطالب به إثيوبيا، كما تم الاتفاق على أن تكون حصص السودان ومصر من مياه النيل غير خاضعة لأي تعديل وفقًا للاتفاقية الجديدة.

موقف متذبذب
وفي تحليل آخر، تحدثت "مصادر دبلوماسية مصرية" أن الزيارة التي أجراها رئيس المخابرات العامة عباس كامل إلى الخرطوم لبحث قضية سد النهضة، أمس الأول، هي الأولى من سلسلة زيارات سيجريها خلال الأسابيع المقبلة بين العواصم المرتبطة بالقضية والمُراقبة لها، مرجحة أن يزور كامل أديس أبابا قريبًا، بصورة لم يتحدد بعد ما إذا ستكون سرية أم معلنة.

وقالت المصادر إن الرسالة الشفهية التي بعث بها قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي بواسطة عباس كامل إلى رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، تضمنت إعراب مصر عن قلقها مما وُصف بـ"تذبذب الموقف السوداني" في القضايا الأساسية محل الخلاف مع إثيوبيا، بحسب "العربي الجديد".

موقف مغاير
وتحدث التحليل الذي نشره الموقع إلى أن السبب الأساسي للزيارة في هذا التوقيت أن الوفد السوداني، خلال الاجتماع التحضيري للجولة المقبلة من المفاوضات، أبدى موقفًا مغايرًا لما كانت عليه مقترحاته في بعض النقاط التفصيلية المطروحة، لتكون جزءا من الاتفاق القانوني الملزم، إضافة لوجود إشارات ومعلومات عن خلافات داخل مجلس السيادة حول التنسيق القائم خلال الفترة الأخيرة مع مصر في القضية، حيث ترى بعض مكونات المجلس وأعضاؤه أن مصلحة السودان على المدى الطويل ليست مع الارتباط بالموقف المصري.

وفي تصريحات أخيرة لرئيس المفوضية القومية السودانية للحدود معاذ تقنو، لوكالة الأنباء الرسمية، قال إن "حلايب وشلاتين سودانية بنسبة مائة بالمائة، ولا يوجد ذرة شك في ذلك"، زاعمًا، في الوقت نفسه، أنه "لا توجد مشاكل حدودية مع إثيوبيا" رغم الأزمات التي تتجدد في بداية كل صيف على مناطق الرعي والري في منطقة الغضارف جنوب شرق السودان. وأضافت المصادر أن السيسي طلب من البرهان وعضو مجلس السيادة المقرب منه حميدتي، عبر رسائل حملها عباس كامل، تثبيت موقف السودان المعارض للإجراءات الأحادية الإثيوبية لإظهار أديس أبابا كطرف منقلب على طاولة التفاوض، ما يمكن القاهرة من فتح خطوط اتصالات دولية، لاجتذاب تأييد دولي ومؤسسي لموقفها.

محاولة تهدئة الأوضاع
وعن زيارة عباس كامل المتوقعة لإثيوبيا، فأوضحت "مصادر" الموقع أنها ستركز على تأكيد استبعاد مصر للحلول العنيفة في التعامل مع القضية، والترويج لموقف القاهرة الأخير من نقل الملف إلى مجلس الأمن ثم الاتحاد الإفريقي باعتباره شهادة لحسن نواياها. إلى جانب التأكيد على حرص السيسي شخصيًا على استقرار الوضع السياسي في إثيوبيا، وعدم ممانعته في توجه رئيس وزرائها آبي أحمد للرأي العام في بلاده ببيانات وتصريحات، ربما يراها المصريون سلبية، لكنها تسهم في تهدئة الأوضاع في إثيوبيا وضمان استقرار نظام الحكم فيها.
وأنه في المقابل يتوقع أن ينبه "كامل" على "أحمد" ووزرائه الالتزام بمسار تفاوضي منتج وفعال تحت رقابة واضحة. وأشارت المصادر إلى أن هذه الرؤية تم إخطار بعض العواصم المراقبة بها أخيرًا في إطار طلب السيسي منها ممارسة ضغوط على إثيوبيا.

وقال الموقع إن السيسي يسعى لتهدئة الرأي العام المصري، وإسكات الأصوات التي تعالت أخيرًا في وسائل الإعلام تطالب باتخاذ مواقف صارمة من إثيوبيا، بما فيها مقترحات العمل العسكري.
وأوضحت أن "تعليمات جديدة صدرت بشأن تناول القضية بعد خطاب السيسي، تتضمن التركيز فقط على المسار التفاوضي والمشاريع التي تقلل حجم الأضرار المتوقعة على مصر، وعدم استضافة شخصيات تناولت أخيرًا احتمالات العمل العسكري أو التخريب".

ورقة الصين
ونسب الموقع إلى "مصادر دبلوماسية" أنباء تتعلق بتجدد الاتصالات بين مصر والصين لاستكشاف ما يمكن للأخيرة تقديمه لحلحلة الأزمة، بالضغط على الجانب الإثيوبي أو بتقديم مساعدات "كبيرة" لمصر لمساعدتها على تلافي الأضرار المتوقعة، بما لها من خبرات طويلة في التعامل مع قضايا الأنهار.
وكشفت أنه "بعد إعاقة الصين طرح مشروع القرار المصري المدعوم أمريكيا لإلزام إثيوبيا باستئناف المفاوضات ومنع الملء الأول المنفرد للسد"  يضمن عرض بكين كوسيط مستقل لمحاولة تقديم حلول وسط بين الجانبين، على أن يتم إعدادها بواسطة أخصائيين فنيين تابعين للحكومة الصينية، لكن مصر فضلت آنذاك إرجاء خطوة التدخل المباشر بهذا الشكل إلى ما بعد انتهاء المفاوضات برعاية الاتحاد الإفريقي.